تبرز القوة الاقتصادية لأي بلد في العالم من خلال العامل البشري الذي يساهم بشكل كبير وفعال في دفع عجلة التنمية للأمام ورفع وتيرة النشاط الاقتصادي والاجتماعي، ومن هذه القوى الاجتماعية فئة "المتقاعدين" الذين يتم تجاهل دورهم، ورغم النداءات المتكررة بين الفينة والأخرى لإشراكهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة، ظلّ هذا العنصر جامداً طوال السنوات الماضية باستثناء المبادرات الخجولة من البعض ومساهمتهم في خدمة الوطن من خلال خبرتهم وكفاءاتهم العلمية التي تبقى ولا تموت. في ظلّ التسابق العالمي والسريع لتفعيل جميع عوامل التنمية من أجل الرقيّ بالدول، نظل أمام هذا التحدي الذي يحتّم علينا عدم إهدار هذه الكوادر البشرية أو تجاهلها والمبادرة لإشراكها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تمرّ بها المملكة بالإضافة إلى المحافظة عليهم من المشاكل النفسية التي ربما تصيب البعض منهم نتيجة إحساسهم بالتهميش في الحياة وعدم وجود أي دور فاعل لهم في المجتمع. د. التواتي: المتقاعدون يعانون من التهميش والإهمال في المجتمع سدّ الفجوة وتظلّ الحاجة ملحة لإيجاد رابط وصلة ذات دور فاعل فيما بين الراغبين والراغبات من المتقاعدين بالعمل والجهات الحكومية والخاصة الراغبة في الاستفادة من كفاءات وخبرات أولئك المتقاعدين والحفاظ على هذه الطاقات البشرية المهدرة وتوظيفها التوظيف الصحيح والفعّال في تنمية المجتمع والعمل على سدّ الفجوة الموجودة بين أرباب العمل من جهات حكومية وخاصة وطالبي العمل من المتقاعدين والمتقاعدات أصحاب الخبرات الطويلة والكفاءات المهنية العالية مما يلزم جمع ورصد هذه الخبرات والتجارب المهنية وعدم إهدارها وتوفير المعلومة اللازمة والكاملة عن هذه الفئة المهمة. هنيدي: يجب التحرك لإشراكهم في العملية التنموية والاقتصادية طاقة مهدرة ويؤكدّ الخبراء الاقتصاديون على أن فئة المتقاعدين في المملكة كنز ثمين غفل المجتمع عنهم وأهدر طاقاتهم وخبراتهم الطويلة في مجالاتهم المهنية المختلفة والوضع الراهن يحتّم علينا التحرك من أجل إشراكهم في العملية التنموية والاقتصادية أسوةً بالدول المتقدمة التي تقوم باستثمار هذه الطاقات البشرية واستقطابهم لسوق العمل – كلٌ حسب تخصصه – وإشراكهم في دعم مراكز الاستشارات الاقتصادية وغيرها وأشاروا إلى أن الوقت قد حان لدراسة أحوال المتقاعدين وتصنيف خبراتهم المهنية ودعم الوزارات بخبراتهم كمستشارين وإنشاء مراكز بحوث واستشارات لتقديم آرائهم ومقترحاتهم للدولة والاستفادة منها حيث ان هذه المراكز ستعود بالفائدة على عملية التنمية بتقديم الدراسات والبحوث، كما أنها ستقوم بخدمة الوطن إعلامياً من خلال توعية المجتمع وتحليل الأوضاع، ولا بدّ من شراء هذه الخبرات والكفاءات المهنية والزجّ بها بداخل سوق العمل المحلي وتوظيفها بالشكل الصحيح وعدم ركنها للنسيان والتجاهل مما يعطّل دور أهم شرائح المجتمع في ظلّ الحاجة التي لا ينكرها أحد من قبل بعض المجالات في القطاعين العام والخاص وأن وجودهم كمرجعية استشارية وإدارية تعدّ إضافة حقيقية لهذه المجالات مما سيعمل على تحسين مخرجات هذه القطاعات وتطوير أدائها نتيجة الدمج بين هذه الخبرات والطاقات الشابّة الأخرى التي هي بحاجة ماسّة إلى التوجيه والتعليم، إلا أن هذه الكفاءات البشرية لا زالت تعاني من التهميش والتجاهل وعدم الاستفادة منها بسبب قصور تنفيذ الاستراتيجيات المقررة من قبل بعض اللجان المهتمة بهم وضعف بعض الكفاءات الإدارية المكلفة بمتابعة أوضاع المتقاعدين وعدم بحث الدور المهم بشكل علمي وفاعل للمتقاعدين في إسهامهم بدفع العملية التنموية. عبدالعزيز الهنيدي كنز وطني في البداية، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين الفريق متقاعد عبدالعزيز بن محمد الهنيدي إن شريحة المتقاعدين في المجتمع المحلي كنز وطني حيث يمتلكون العديد من الخبرات المهنية والكفاءات العلمية العالية بقدر السنوات الطوال التي عملوا فيها في المجالات المهنية المختلفة في القطاعين العام والخاص، وتمثّل هذه الشريحة مجموعة من المجالات التي عملوا فيها من مهندسين وفنيين ومدنيين وإداريين وغيرها. وأكدّ الهنيدي على استقطاب هذه الكفاءات لمختلف المجالات والاستفادة منها وتوظيف خبراتهم الطويلة لخدمة الحقل الذي يعملون فيه، موضحا أن الجمعية الوطنية للمتقاعدين بلغ عمرها 7 سنوات، ودأبت خلال الفترة الماضية على بحث إمكانية دمج هذه الشريحة في المجتمع المهني وإبعادهم عن المفهوم الذي يحمله بعض الأفراد بكونهم عالة على المجتمع، حيث يشكلون شريحة لا يستهان بها في المجتمع بعد أن بلغ عدد المتقاعدين من الجنسين في المملكة بحسب آخر إحصائية للجمعية 850 ألف متقاعد، منهم 16% سيدات. دراسة الخبرات ويؤكد المحلل الاقتصادي الدكتور علي التواتي ضرورة دراسة الخبرات الموجودة لدى المتقاعدين من الجنسين والمؤهلات العلمية التي يحملونها، وتوظيف هذه الكوادر لخدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بحيث يمكن الاستفادة منهم كمستشارين ومحللين بما يحقق العوائد المرجوة منهم، مضيفا أن التجارب التي قامت بها الدول الغربية في سبيل الاستفادة من المتقاعدين قد حققت نتائج إيجابية كثيرة أسهمت في تنمية بلدانهم اجتماعياً واقتصاديا. وأضاف التواتي أن هناك حلولا عديدة فيما يخصّ إمكانية إسهام هذه الشريحة في عملية التنمية كإنشاء مراكز بحوث ودراسات تقوم عليها هذه الشريحة التي لها العديد من العوائد المرضية كعمل دراسات وبحوث تقدّم للدولة للاستفادة منها ولن يتحقق ذلك إلا بالبحث عن القيادات المؤهلة التي أحيلت للتقاعد وأصحاب المؤهلات العالية. وأضاف ان هذه الشريحة تعاني من التهميش والإهمال في المجتمع مما يتسبب في العديد من المشاكل النفسية لهم نتيجة ضعف ثقافة المجتمع في هذا المجال.