تشير الإحصائيات إلى أن حجم اقتصاد الظل البنكي في العالم قد وصل خلال العام الماضي إلى 67 ترليون دولار. أي أنه يصل إلى 85% من حجم الاقتصاد العالمي الذي بلغ 79 تريليون دولار عام 2011. والملفت للنظر هو وتيرة تسارع هذا الاقتصاد. ففي خلال الفترة الواقعة بين 2007 وعام 2011 نما اقتصاد الظل المالي في العالم بنسبة 100%. وهذا معدل تحسده عليه حتى الصين التي يزيد معدل نمو ناتجها المحلي الإجمالي السنوي على 8%. ومن الملاحظ أن هذا الاقتصاد يتركز في البلدان الصناعية المتطورة أكثر من غيرها. فنصيب الولاياتالمتحدة منه هو 23 تريليون دولار، منطقة اليورو 22 تريليون، المملكة المتحدة 9 تريليون أما بقية العالم فلم يتعدَ حجم هذا المؤشر 13 تريليون دولار. وهذا أمر مستغرب لأن الرقابة والتنظيم الحكومي في هذه البلدان المتطورة يفترض أن يحد من هذه الظاهرة. ولكن يبدو أن أشخاص مثل برني مادوف قادرون دائماً على الترعرع والازدهار حتى في ظل الرقابة والتنظيم المالي. من ناحية أخرى إذا كان هذا هو حجم اقتصاد الظل المالي وحده فما حجم اقتصاد الظل العالمي بصفة عامة؟ ولكن الأهم من ذلك، ما حجم تأثير هذا الاقتصاد على الاقتصاد المرخص؟ فنحن عندما نقرأ تحليلات المتخصصين، مثل نورييل روبيني الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والذي يتوقع تفكك منطقة اليورو العام القادم 2013، فإنه لا يمكننا أن نغفل عن دور اقتصاد الظل في كل ما يجري هناك. فحجم الاقتصاد الأوروبي الذي وصل في العام الماضي إلى 15.8 تريليون دولار يمكنه ببساطة أن يغرق في اقتصاد حجمه 22 تريليون دولار. أو بمعنى آخر فإن المشاكل التي تعاني منها أوروبا ربما تكون ناجمة عن محاول اقتصاد الظل ابتلاع، أو على الأقل توجيه، الاقتصاد المرخص وتسييره وفقاً لمصالحه. طبعاً نحن في المملكة نعاني من اقتصاد الظل ولكن الحمد لله إنها ليس بحجم المعاناة الأوروبية. فحجم الاقتصاد غير المعلن لدينا، حسب بعض الإحصاءات، هو بحدود 20% من الناتج المحلي الإجمالي. ولذلك يمكننا السيطرة عليه أو حتى الاستفادة منه أو احتوائه . وأعتقد أن أهم شيء هو أن نحول دون سيطرة اقتصاد الظل العالمي عليه. وبالدرجة الأولى على رؤوس الأموال الكبيرة في هذا الاقتصاد. لأن ذلك سوف يستنزف مواردنا المالية. وأنا أكتب هذه السطور وفي الذاكرة انهيار سوق أسهمنا عام 2006. أما اقتصاد الظل الصغير فإنه إذا ما أحسنا التعامل معه فإنه يمكن أن نخرجه إلى العلن. فاقتصاد الظل، مثلما نعرف، هو ذلك النشاط الذي يمارسه أصحابه دون الحصول على تراخيص مسبقة. من هنا فإن أول خطوة يفترض أن تكون دراسة القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي. فإذا رأينا أن التخفيف من القيود المفروضة على بعض أوجه اقتصاد الظل لا تلحق الضرر بنا فيفترض أن نعمل في هذا الإتجاه. فإخراج بلايين الريالات إلى العمل المرخص يمكن أن تدر علينا بلايين إضافية أخرى وأن تصبح مصدرا للطلب على اليد العاملة السعودية.