يفيد تقرير للبنك الدولي بأن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، على رغم وقوعها بين مطرقة الربيع العربي وسندان أزمة الديون السيادية الأوروبية والأميركية، استطاعات الاستفادة من سعر النفط المرتفع عالمياً، لتحقق ناتجاً قومياً يقدَّر بنحو تريليون دولار هذه السنة، وتجارة خارجية يرجَّح حجمها عند 900 بليون دولار. وتمكنت اقتصادات دول الخليج، وفق التقرير الصادر أخيراً، من تحقيق معدلات نمو حقيقية بلغ متوسطها المقدَّر 6.7 في المئة عام 2011، بعد تحقيق متوسط نمو بلغ 5.2 في المئة عام 2010. وحققت السعودية أكبر نمو على مستوى دول الخليج للناتج المحلي الإجمالي بقيمة 571 بليون دولار، وفقاً للتقرير، تلتها الإمارات بنحو 368 بليون دولار، فقطر (174 بليون دولار)، فالكويت (168 بليون دولار)، فعُمان (73 بليون دولار)، فالبحرين (26 بليون دولار). وأشارت مصادر اقتصادية خليجية إلى أن هذا النمو جاء نتيجة لزيادة الإيرادات النفطية والتوسع في الإنفاق الحكومي، الذي بلغت نسبته قرابة 31 في المئة. لكن على رغم الزيادة في الإنفاق، سيبلغ فائض الموازنات المتوقعة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي، 10.4 في المئة، مقارنة ب 6.5 في المئة للعام الماضي. ويبدو أن السوق الخليجية المشتركة التي أعلِن انطلاقها في قمة عام 2008 آتت ثمارها، إذ أشار تقرير للأمانة العامة لمجلس التعاون، إلى قفزة في التجارة البينية وصلت إلى 65 بليون دولار العام الماضي. وعلى رغم هذه الإنجازات خلال العام الجاري، لم يستبعد الخبراء أن تشهد اقتصادات المنطقة تراجعاً خلال عام 2012، في ظل توقعات بتراجع سعر النفط العالمي، في وقت تشهد في المنطقة «ربيعاً عربياً» ساخناً، ومخاوف من أزمة الديون السيادية في أوروبا والولايات المتحدة، وتباطؤ اقتصادي في الدول التي قادت انتعاش الاقتصاد العالمي خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي الصين والهند والبرازيل. وأشار الخبراء إلى أن دول مجلس التعاون تستثمر 75 في المئة من مدخراتها في اقتصادات الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة، التي تعاني من عجز هيكلي ومعدلات نمو منخفضة، ما سينعكس سلباً على اقتصاداتها خلال عام 2012، غير انهم أشاروا إلى أن الحكومات في المنطقة ستظل قادرة على الإنفاق لمواجهة تداعيات أي تباطؤ عالمي. وأدت أزمة الديون في منطقة اليورو وعلامات تباطؤ النمو في الصين إلى تدهور توقعات النمو في الخليج، إذ إنها صعّبت حصول الشركات على التمويل عبر القروض المصرفية أو عبر إصدار السندات. ويُخشى أن يفرض ذلك ضغوطاً نزولية على أسعار العقارات والأسهم في دول كثيرة. احتياطات وفوائض مالية لكن دول الخليج، خلافاً لدول أخرى كثيرة، في رأي مصادر اقتصادية خليجية، لا تزال تمتلك احتياطاً مالياً وفيراً يمكن أن تستخدمه لحفز اقتصاداتها، بعدما عززت الإنفاق الحكومي منذ أوائل هذا العام لحماية الاستقرار الاجتماعي أثناء انتفاضات «الربيع العربي»، ويتوقَّع أن تواصل الإنفاق المرتفع كي تحافظ على النمو. وتوقع الخبراء نمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية عام 2012، بنسبة أربعة في المئة، انخفاضاً من 6.7 في المئة متوقعة للعام الحالي. وفي الإمارات توقعوا أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 في المئة في العام المقبل، من 3.9 في المئة العام الجاري، أما البحرين فيتوقَّع أن تسجل أبطأ معدل نمو جراء أحداث الربيع العربي، يصل إلى ثلاثة في المئة.