أفهم أن يكتب الإنسان بحرقة عند الحديث عن الدم السوري الذي يراق كل يوم في ظل صمت دولي مخجل. أفهم الطرح المتعصب لمشجعي هذا النادي أو ذاك عند تعرض فريقهم لهزيمة كبيرة أو ظلم تحكيمي. أفهم حماس «الحقوقيين» وهم يكتبون بشجاعة عن انتهاكات حقوق الإنسان ويطالبون بضمير حي سيادة العدالة. مالا أفهمه هو هذا التوتر الدائم للسعوديين في تويتر، عند مناقشة كل قضية مهما كانت صغيرة، والقسوة الشديدة ضد المخالف في الرأي، حتى لو كان الموضوع يتعلق بمناقشة شأن اجتماعي بسيط، لكل الحق في إبداء رأيه فيه حتى لو لم يعجب الآخرون. التويتر هو أحد قنوات التواصل الاجتماعي التي يفترض أن يعبر فيها الإنسان بحرية عن نفسه، ومن يهمه التعرف على هذا الإنسان وشخصيته وأفكاره يقوم بمتابعته، ومن لا يريد ذلك يفترض ألا يقوم بمتابعته فيستريح ويريح. في تويتر السعودي، عندما يخطئ أحد ما أو يخونه التعبير فيكتب تغريدة غير ملائمة و «شاطحة»، أو ظالمة لفئة معينة، أو مستفزة للرأي العام بقصد أو بدون، فإن هناك ملمحين بارزين في التعاطي مع هذه التغريدة. الملمح الأول أن ردة الفعل على التغريدة تكون في غاية «العنف» والبعد عن التسامح، ويتعرض كاتبها لسيل من الشتائم، واستمرار البعض بحقد جمل في مهاجمته دون توقف، وغايتهم أن يتم تكفيره، إو تخوينه، أوايداعه السجن!. الملمح الثاني أن كاتب التغريدة لا يمكن أن يعتذر بصورة صريحة ويتراجع عنها حتى لو ثبت أن التغريدة خاطئة تماماً أو فيها إساءة لشخص أو رمز أومعتقد معين، لا يرضاها أحد، وأقصى اعتذار يقوم به السعودي غالبا هو أن يتأسف لأن الآخرين لم يفهموا المقصود، ليقوم أنصاره – إذا كان له أتباع ومريدون - بالدفاع عن ظلمه، وقيامهم بشتم الآخرين الذين لم يفهموه!. إن أحد أسباب هذين الملمحين هو عجزنا عن التقبل السريع لتقنية حديثة عمادها الانفتاح الاجتماعي والفكري، في ظل خصوصيتنا بتناقضاتها وانغلاقها، التي تمثل وهماً كبيراً، بزواله تخف حدة الكثير من مشاكلنا، بما فيها توترنا في تويتر.