أصبح المستأجر في السعودية يدفع تكاليف إيجار أعلى لمساحة أقل ومستوى أدنى من الجودة. وانتشرت محلات مواد السباكة والكهرباء بشكل ملفت وكأنها تبيع سلعاً استهلاكية نتيجة تردي مستوى جودتها، ولا يكاد يمضي أسبوع من استلام المواقع المؤجرة حتى يتطلب الأمر استدعاء سعادة الدكتور السباك أو معالي الدكتور الكهربائي. وساهمت المكاتب العقارية بشكل مباشر في تدهور أوضاع المستأجرين من خلال سياسة التعتيم وحجب المعلومات الصحيحة حول المواقع المعروضة للإيجار ومستويات جودتها وأسعارها العادلة. ولم تتمكن اللائحة التنفيذية للمكاتب العقارية الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة من الحد من الممارسات غير النظامية والمجحفة بحق المستأجرين لاسيما ما يتعلق بتقاضي عمولات تأجير تتجاوز 2,5% ولمدة تتجاوز العام الأول. وأهم أسباب انخفاض مستوى جودة الرقابة على المكاتب العقارية يعود إلى سياسة التوسع المفرط في منح تراخيص فتح المكاتب العقارية، حيث بلغت عدد المكاتب العقارية المرخصة حوالي 50 ألف مكتب، أي ما يعادل 5 إلى 10 مكاتب لكل حي قائم في المملكة. يضاف إليها أعداد هائلة من المكاتب (بروكسيات) غير مرخصة تنتشر في مختلف ضواحي مدن المملكة. والبعض منها يزاول أنشطة استثمارية وتمويلية تتعدى مسألة الوساطة وتتطلب مستويات عالية من الإشراف والرقابة. ولم تفلح هذه الأعداد الهائلة من المكاتب العقارية في تحقيق مستوى مقبول من السعر العادل للإيجار وتعزيز الاستقرار. فقد واصل معدل تضخم تكاليف الإيجار تسجيل ارتفاعات قياسية بلغت في مدينة الرياض 156% خلال الفترة من يناير 2007م إلى سبتمبر 2012م، بالرغم من أن نسبة الشاغر من الوحدات السكنية في مدينة الرياض بلغت 6,9% في عام 2009م كما ورد في تقرير الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض (ملخص تنفيذي: واقع ومستقبل الإسكان في مدينة الرياض لعام 2009م). وأصبح من الضروري تنظيم نشاط المكاتب العقارية لاسيما ما يتعلق بالشفافية والإفصاح عن المواقع الشاغرة المعروضة للإيجار التي تقدر بحوالي 80 ألف وحدة سكنية شاغرة في مدينة الرياض، وتتجاوز 320 ألف وحدة في كافة مدن المملكة خلال الربع الأول من عام 2012م، حيث بلغ عدد المساكن المشغولة في المملكة 4,6 ملايين مسكن في 27 أبريل 2010م وذلك وفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.