لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، ولكنه أصبح يعرف أشكال الحروف والأرقام إضافة للألوان وغيرها كثير، وهو ما ينطبق على الكثير من الأطفال الذين يتعاملون مع البرامج التعليمية المحملة في أجهزة الايباد أو الايبود -الذي جعل من أطفال هذا الجيل يتفوقون عن أمثالهم في السنوات الماضية -. وقد يستغرب بعض الآباء والأمهات كيف يستطيع أبناؤهم الصغار من مجاراتهم في الحديث أو في استخدام التقنيات، حيث يؤكد العديد من أولياء الأمور بأن أطفالهم الصغار يستطيعون تحسين خدمات هواتفهم المحمولة الحديثة، فيما الأطفال في الأساس لا يملكون سوى أجهزة أيباد أو أيبود، فيما ساهم هذا التطور الملحوظ في التقنيات أيضاً لتفتح عقليات الأطفال ما قبل سن الحضانة والمدرسة من خلق فجوة بين الطلاب والمدارس التي تفتقد لوسائل التعليم المتقدمة؛ كالسبورات الذكية وأجهزة العرض «البورجيكتور»، حيث تؤكد معلمات في المدارس الابتدائية بأنهن يفضلن أجهزة العرض أثناء شرح المواد للطالبات بطريقة حديثة ومشوقة ومسلية ويقمن بحمله والتنقل به بين الفصول الدراسية، فيما توفر مدارس أخرى الوسائل المتقدمة كالسبورات الذكية وأجهزة العرض للصفوف الأولية فقط من الأول إلى الثالث ابتدائي؛ ليصاب بعدها الطالب بصدمة عندما ينتقل للصف الرابع والذي يفتقد لجميع وسائل التعليم بالترفيه!. «الفيسبوك» و»الواتساب» وأكد الأستاذ «عبدالمنعم القلاف» -معلم صفوف أولية- على وجود (الفجوة الالكترونية) بين بعض المعلمين والطلاب، إلاّ أنها تشهد تراجعاً في الآونة الأخيرة لوجود مدارس عديدة بدأت في تحويل فصولها إلى قاعات نموذجية، من خلال تقنيات العرض والسبورات الذكية. وقال:»بالطبع ساهمت التقنية في تسهيل مهمة التعليم، حيث أصبح الطلاب الآن -حتى في المراحل الأولى من الدراسة- يمتلكون صفحات على الفيسبوك تمكّنهم من متابعة الخطة الدراسية الأسبوعية للمعلم والمدرسة، وهو ما يسهّل أيضاً على أولياء الأمور المتابعة مع أبنائهم للتعرف على الواجبات والمتطلبات الدراسية»، مشيراً إلى أن صفحات «الفيسبوك» والمجموعات الخاصة لفصول المدرسة والتي يشرف عليها رواد الفصول، إضافة لمجموعات «الواتساب» ساهمت في تعميق التواصل بين أولياء الأمور والمدرسة. طلاب سبقوا معلميهم تقنياً ويتواصلون معهم في الشرح وتبادل المعلومات على «الواتساب» و«الفيس بوك» تفوق الطلاب على معلميهم! وأضاف «القلاف» إن ميزة الأجهزة الذكية ك»الأيباد» و»الأيبود» وغيرها أنها جعلت الطلاب يتعلمون الكثير، والكثير بأنفسهم، من خلال تنقلهم وتصفحهم؛ لدرجة جعلت من بعض الطلاب في الصفوف الأولية يتقنون التعامل معها ربما أفضل من المعلم، وطبعاً لا يتعلق هذا بعمر المعلم، حيث يوجد معلمون من الأجيال السابقة ومتمكنون وعلى اطلاع كبير بآخر ما توصلت له وسائل التقنية الحديثة، وعلى العكس من ذلك هناك معلمون من جيل الشباب وبعيدون كل البعد عن التقنية الحديثة وطرق استخدامها؛ لذلك قد نجد بين الأطفال من هم متمكنون ومبدعون في التعامل مع الأجهزة والتقنيات، فيما آخرون قد تجذبهم هوايات أخرى كالرسم أو الرياضة، وبالطبع يستفيد الطلاب من هذه أجهزة «الأيباد» والكمبيوتر في تعلم الكثير من التقنيات المتعلقة بالدراسة؛ كطرق نطق الحروف والقراءة الصحيحة، إضافة لمعلومات أخرى كثيرة متوفرة سواءً عبر برامج موجودة في الأجهزة أو عن طريق تصفح الانترنت. وأشار إلى أنهم يطلبون في بعض الأحيان من الطلاب حفظ سورة من القرآن الكريم ما يجعلهم يدخلون على موقع «اليوتيوب»، وتكرار سماع السورة المطلوبة ما يسهل عليهم حفظها وتسميعها بعد سماعها بتلاوة وتجويد محكم، فيما يسعى بعض الطلاب الآخرين -ومن حب استطلاع- إلى تعلّم الأرقام والحروف والكلمات الانجليزية، خصوصاً عندما تكون مصاحبه لأحد برامج التعليم بالترفيه. مقاطع كرتونية تعليمية ويتيح معلمون لطلابهم أن يقترحوا بعض المقاطع الكرتونية من مشاهداتهم لعرضها على زملائهم في الصف بعد أن يرى المعلم جدواها وفائدتها، حيث يتم مناقشتهم حول الفوائد المستقاة من المواد المعروضة، وهناك أيضاً العاب تعليمية تحفز على التفكير وتعلم جداول الضرب والعمليات الحسابية بطرق سريعة وسهلة محببة للأطفال، وتجعلهم يتسابقون بإبداء رغبتهم لحل المسائل لما تحتويه من ترفيه، فيما يؤكد معلمون حاجتهم لدورات تدريبية لتطوير مهاراتهم على استخدام وسائل التقنية بطريقة أكثر فعالية. المدرسة وسيلة إعلامية ويشبه الأستاذ «صلاح آل مطر» -المرشد الطلابي في مدرسة ابن خلدون الابتدائية بسيهات- المدرسة بأحد وسائل الإعلام، حيث تعد المدرسة حالياً وسيلة تثقيفية إعلامية للطالب يستخدم فيها وسائل مختلفة لإيصال المعلومات للطلبة، وهو ما يؤكد على أن للمدرسة دوراً إعلامياً مهماً في حياة الطالب. جميل حين تنتقل إليك صورة ابنك «مباشرة» وهو يُكرّم في المدرسة وقال:»يصوّر بعض المعلمين الطلاب المميزين وإرسالها عبر مجموعات (الواتساب)، ما يتيح لأولياء أمورهم مشاهدة ابنائهم والتعرف على تفاصيل حياته الدراسية، إضافة لتشجيع الطالب على بذل المزيد من الجهد والاجتهاد للظهور بصورة جميلة أمام عائلته وزملائه». وأضاف:»نشارك الأهالي وأولياء الأمور، من خلال وضع بعض الصور لتفاصيل أخرى كفترة الطابور الصباحي ودخول أبنائهم للفصول، أو خلال مشاركتهم الصفية كالقراءة والكتابة على السبورة ومكان جلوسه؛ ما يجعل الأسر يشعرون بأنهم جزء من حياة ابنهم اليومية في المدرسة». تفاعل وحماس! وأفاد الطالب «عبدالله آل رضي» عن سعادته بتفاعل والديه أثناء مشاهدتهم له خلال مشاركته بالقراءة في الصف، من خلال مقطع فيديو أرسله أحد أساتذته على مجموعة «الواتساب» الخاصة بالفصل، مؤكداً على أن ذلك جعله أكثر حرصاً على بذل المزيد من الجهد لتحقيق تميز أفضل على مستوى الدراسة. فيما أكد الطالب «عبدالله السيهاتي» أن المواد التي يستخدم فيها المعلم وسائل العرض التقنية ك»البروجيتكر» أو الألعاب الذكية تكون أكثر جذباً وتفاعلاً من الشرح على السبورة التقليدية، والتي لازالت متوفرة في الصفوف الأولية، ولكن استخدامها محدود، حيث طغى استخدام السبورة الذكية في أغلب المواد. جدول الضرب لم يعد مخيفاً لم تعد مادة الرياضيات للصفوف الأولية مخيفة للطلاب كما السابق، وتحديداً عندما كان الطالب يخشى الانتقال للصف الثاني لسماعه بأن الرياضيات تحتوي على ما يسمى جدول الضرب المعقد وصعب الحفظ، حيث طغت مؤخراً مواد وبرامج الكترونية تهدف إلى تعليم الجداول بشكل مسلٍ يحتوي على ترفيه كبير ويساهم على غرس المعلومات ببساطة. وأوضح الطالب «أحمد زكريا» -المتفوق على مستوى المدرسة في مادة الرياضيات- بأنه يشعر بسعادة كبيرة عندما صورته المدرسة أثناء تكريمه لحصوله على المركز الأول بالمدرسة في مادة الرياضيات، وإرسال الصور على مجموعة «الوتساب» و»الفيسبوك»، مشيراً إلى أن تواصل المعلم عبر وسائل الاتصال ساهمت في تحقيق تركيز أكبر لدى الطالب وولي الأمر للتعرف على الواجبات المطلوبة والخطة الدراسية الأسبوعية من خلال «الواتساب» بدلاً من الأوراق. طلاب يساعدون معلميهم وقال الأستاذ «مهدي صليل» -المعلم في الفصول الأولية- «من خلال متابعتي لطلابي وجدت أن نسبة من يستخدم الوسائل الحديثة عالية، وقد واكبت هذا التطور منذ عدة سنوات باستخدام الحاسب الآلي و(البورجيكتر) ثم (الفيس بوك) والتي سهّلت علي إيصال المعلومة وضبط الصف وتشويق الطلاب وكسب تفاعلهم، فيما أبدى العديد من الطلاب رغبتهم بالمشاركة في تحمل بعض المسؤوليات المساعدة للمعلم كتشغيل الحاسب الآلي والتنقل من فقرة إلى أخرى أثناء عملية الشرح، وقد عزز ذلك الجانب النفسي والاجتماعي للطالب، وعزّز من وجوده وثقته في نفسه، خصوصاً وهو يساعد معلمه حاسوبياً في الشرح وإيصال المعلومات لزملائه الطلاب». طالب يساعد معلمه في عملية الشرح عبدالله ال رضي عبدالله السيهاتي أحمد زكريا صلاح آل مطر مهدي صليل عبدالمنعم القلاف