تشكل السياحة ظاهرة دولية مهمة لا يمكن تجاهلها في عصرنا الحديث، فهي قطاع حيوي، قابل للتطوير المستمر، نظراً لارتباط السياحة بالنشاط البشري، كما أنها قطاع تنموي يحتاج إلى الخيال الواسع، ومعرفة البيئة معرفة جيدة، ودراية كبيرة بالاقتصاد والمجتمع. والمملكة العربية السعودية تمتلك شواطىء واسعة على كل من البحر الأحمر والخليج العربي، كما أنها تتميز بأشهر المناطق من حيث الحياة البحرية تحت الماء التي توجد في كثير منها بيئة الشعاب المرجانية. والشعاب المرجانية هي إحدى البيئات الحيوية التي توجد في البحار كموئل للأحياء البحرية ومكان يمكن استغلاله سياحياً. وتتكون هذه الشعاب في المياه الدافئة الضحلة نتيجة لترسيب كربونات الكالسيوم من خلال مجموعة من الحيوانات اللافقارية صغيرة الحجم جداً. وتتكون المستعمرة الحيوانية من عدة حيوانات متصلة بعضها ببعض عن طريق غشاء رقيق يعزز المادة الجيرية مكونة الهيكل الصلب لهذه الحيوانات التي تعطيها الشكل الصخري. وتتميز بيئة الشعاب المرجانية بأنها تزخر بمئات الأنواع من الكائنات البحرية مثل الأسماك بمختلف أنواعها، والإسفنجيات، والمرجانيات اللينة والانبوبية والقرنية، وكثير من الرخويات والقشريات والجلد شوكيات، والسلاحف البحرية التي تتغذى على الطحالب المتوفرة في بيئة الشعاب المرجانية. وتتكون علاقات وطيدة بين الشعاب المرجانية وهذه الكائنات الحية، مما يجعل بيئة الشعاب المرجانية من أعقد النظم البيئية وأكثرها تنوعاً بكثرة الكائنات. وتنمو الشعاب المرجانية في المياه الدافئة التي لا تقل درجة حرارتها عن 18 مئوية مثل تلك الموجودة في البحر الأحمر والخليج العربي، وتفضل هذه الحيوانات النمو في المياه ذات الملوحة العالية نسبياً، والتي تكون نسبة الرواسب فيها قليلة جداً، لأن هذه الرواسب يمكن أن تخنق الشعاب المرجانية. وبالرغم من هذا فقد يستغرق تكوين الشعاب المرجانية مئات، بل ربما آلاف السنين، ذلك لأن معدل نموها يتراوح ما بين 2 – 5 سم كل عام. وتلعب الشعاب المرجانية دوراً مهماً في السياحة الداخلية، حيث انها تؤدي إلى حماية الشواطىء الجميلة من النحر والتعرية، حيث تنكسر عليها الأمواج العاتية والشديدة. ولذلك فعندما تخرب أو تزال هذه الشعاب المرجانية، فإنها قد لا تعود مرة أخرى إلى ما كانت عليه كبيئة تضم كثيراً من الكائنات الحية. وبدلاً من ذلك فقد تتحول الشعاب المرجانية إلى صحراء جرداء لا يوجد فيها أثر للتوازن البيئي الذي خلقه الله تعالى في الطبيعة لكي يحافظ عليها من الزوال والدمار. ومن الأشياء التي تدمر الشعاب المرجانية على شواطئنا استمرار جمع قطع الشعاب المرجانية والقواقع والأصداف بشكل مكثف، وذلك لبيعها كهدايا تذكارية للسياح، مما يؤدي إلى التأثير على البيئة البحرية بشكل كبير. كما أن رمي أكياس البلاستيك والمخلفات التي يتركها الناس على الشواطىء تؤدي إلى خنق الشعاب المرجانية والكائنات الموجودة فيها، وإلى خلل كبير في توازن البيئة البحرية، والتأثير بالتالي على السياحة الوطنية في مناطق الجذب السياحي على شواطيء البحر الأحمر والخليج العربي. ان المواطنين مطالبون بالحفاظ على الشعاب المرجانية التي تعد من أهم البيئات على الشواطىء بلادنا. كما أن المحافظة على وجود بيئة الشعاب المرجانية سيؤدي إلى الحفاظ على الحياة البحرية، وازدهار السياحة في بلادنا لتكون صناعة مزدهرة لهذا الجيل وللأجيال القادمة.