أو إن شئت: موت الإعلام الورقي، والذي يجعلني استخدم كلمة "موت" هو إعلان مجلة "نيوزويك" العريقة، ذات الانتشار الواسع، والتي كانت توزع في السعودية في يوم من الأيام (حيث كنت وكيل توزيعها) عشرين ألف نسخة، أكرر أن المجلة قررت التوقف عن النسخة الورقية مع مطلع العام الجديد، والاكتفاء بالنسخة الالكترونية، وعندما تتخذ هذه المجلة العريقة مثل هذا القرار، فإنه بلا شك يعتبر نذيرا لموت الصحافة الورقية، وقد يختلف الكثيرون حول أسباب هذا الموت، ولكنهم يتفقون على أننا دخلنا عصراً جديداً يشبه الانتقال من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي، أو بكلمات أخرى فإن ما حدث يمثل قطيعة تاريخية في عالم الإعلام، تشبه القطيعة بين الحداثة والفكر التقليدي أو الكلاسيكي، ومع الأسف فإننا لم نعرف بعد مدى وطبيعة النتائج أو الجرائر التي سترتب على هذه القطيعة، فنحن ما زلنا في أول المشوار، وإن كانت البدايات أو الارهاصات لا تبشر بالكثير من الخير، وما يحدث الآن في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيس بوك، والمدونات، هو نفس ما كان يحدث في البدايات الأولى للصحافة، حيث لم يكن هناك إحساس بالمسؤولية عند من امتهنوا الصحافة فانتشرت الاشاعات الكاذبة وما يمكن أن يسمى بالفسوق الصحفي كالهجوم على الأعراض، وقذف المحصنات، واحتاجت الإنسانية إلى زمن طويل لكي تضع القيود والضوابط والقوانين ثم تنجح في النهاية في زرع الإحساس بالمسؤولية والوعي الاجتماعي في عقول المسؤولين عن الصحافة، وهو ما لم يحدث حتى الآن في الإعلام الالكتروني، وهذا لا ينفي أن للإعلام الالكتروني ايجابياته وخاصة في الدول التي تقمع حرية الفكر وتسيطر على الإعلام، وما يحدث في العالم من تقلبات هو من فعل الإعلام الجديد، بكلمات أخرى لا تستطيع أي جهة الآن إخفاء الحقائق على الناس، وقد يكون هذا في حد ذاته نتيجة نقدرها للإعلام الجديد.