كشف خبر معاقبة أفراد من البحرية الأمريكية "نيفي سيل" مطلع هذا الأسبوع عن مشاركة مؤسسات عسكرية في صناعة لعبة فيديو للأطفال، وتسريبهم معلومات سرية وإساءة استخدام ملابس قادة عسكريين في غمار عملهم مع المنتجين. ولكن كانت تلك المشورة بمثابة مفتاح الإعلان الترويجي لواقعية "لعبة "مقاتل الحرب .. نوط الشرف" الأمريكية. وسبب المعاقبة أن معظم المشاركين هم من قوات العمليات الخاصة في الفرقة السادسة وأحدهم ممن ساهم في عملية الهجوم على أسامه بن لادن. ولكن هل هي المرة الاولى التي يشارك فيها الجيش الأمريكي بشكل مباشر او غير مباشر في صناعة ألعاب الفيديو؟ بالطبع لا. فبعض الإنتاج قد يكون خرج من رحم المؤسسة العسكرية التي طورت ألعاب الفيديو الحربية وجعلتها جاذبة للمميزين في التمارين المبنية على تقنيات الواقع الافتراضي. بل إن هذه الألعاب أصبحت المدرسة التدريبية الأولي في الحالات الافتراضية التي تسبق حالات التهيؤ للعمل الميداني. فالمراجع للإنفاق الحكومي الأمريكي في قطاع ألعاب الفيديو في المؤسسة العسكرية يجد أن لها نصيبا من تلك الميزانية وهناك من انتقد تضخم حجم الإنفاق عن المتوقع في السنوات من 2002 وحتى 2009 م والذي يفوق أربعة ملايين دولار سنويا. وقد أشرت في مقال سابق في هذه الزاوية عندما طرحت لعبة "القاتل المأجور" في السوق السعودية في 18 محرم من العام الماضي إلى أن المخابرات البريطانية أيضا تستخدم ألعاب الفيديو بمثل ذلك التكنيك واكثر. بل ان جهاز الاتصالات الحكومية إحدى أذرع التجسس التابعة لجهاز الاستخبارات البريطانية أعلن عن مسابقة لفك الشفرات الإلكترونية وذلك بهدف جذب مواهب جديدة للعمل في مجال التجسس. حيث دعا هذا الجهاز المتقدمين لحل شفرة بصرية تم نشرها على أحد المواقع المستقلة غير المصنفة على الإنترنت. وسوف تنشر المسابقة بكثافة عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، والمدونات، ومنتديات الحوار. ومن ابرز شروطها أن يكون المتقدم يحمل الجنسية البريطانية، ويستطيع فك شفرة اللعبة التي ستقوده إلى الدخول إلى عالم التوظيف التقني. فألعاب الفيديو قد تمر علينا مرور الكرام فهي كالقنابل الناعمة التي تغرس ولا تنفجر بشكل واضح وفاضح. وإنما تستقطب بطريقة ترفيهية لجيل من الشباب. وقد لمست ذلك عند سؤالي لمجموعة من المبتعثين السعوديين لليابان عن سبب اختيارهم لليابان فكان من ضمن الجواب الانجذاب بسبب ألعاب الفيديو اليابانية التي غزت البيوت ومنها "نوروتو" و" قطعة واحدة ". وهي ألعاب جاذبة حتى للشباب الياباني. ومادام الحرس الوطني قد فرض نفسه كمؤسسة ثقافية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة - الجنادرية - فأتمنى أن تكون أول المؤسسات الوطنية التي تستثمر مع الجامعات لتطوير شخصيات كرتونية متعددة الأغراض ولتكن بدايتها تقديم التراث الوطني مبكرا للأطفال. ولكن الموضوع ليس حكراً على الحرس الوطني وإنما على كل المؤسسات الوطنية المعنية بالغرس الفكري أن تساهم في هذه المشاريع التطويرية. ويبقى السؤال هو متى سيصبح لدينا إمكانية إنتاج ألعاب الفيديو محلياً؟ لقد طرحت فكرة التعاون السعودي - الياباني وحتى الأمريكي من اجل الاستفادة من التقنية الحديثة في إنتاج ألعاب فيديو تحمل قيمنا وتعزز مفاهيمنا وتحسن الصورة الذهنية لدى الأبناء أولا قبل الآخر. إنها يا سادة يا كرام ليست ألعاب فيديو فقط إنها مؤسسات غرس ثقافي لابد من العمل من خلالها وليس الحد منها. فمن يضع البذور أولا في الحقل هو الذي يحصد المنتج الذي يرغب فيه، أو كما يقول الأشقاء في الكويت"من سبق لبق".
