تتميز سوني بمحفظة منتجاتها عالية التنوع، فهي لا تكتفي بإنتاج الأجهزة الإلكترونية والشخصية التي تحقق نجاحاً وانتشاراً عالميين كبيرين، وإنما هي من الرواد العالميين أيضاً في مجال انتاج البرمجيات الترفيهية والألعاب الإلكترونية تعتبر سوني واحدة من كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال انتاج الأجهزة الإلكترونية وفي صناعة الترفيه، وقد عرفت سوني على الدوام بالتزامها في منتجاتها المختلفة بأرقى معايير الجودة والإتقان لدرجة أن مفهوم الجودة في حد ذاته اصبح في اذهان كثيرين من المتسوقين حول العالم مقترناً باسم سوني بشكل او بآخر. وتعتبر سوني من الشركات العملاقة بكل معاني الكلمة، خاصة وأن حجم مبيعاتها الإجمالية في العام 2007تجاوز حاجز السبعين بليون دولار، وتتميز سوني بمحفظة منتجاتها عالية التنوع، فهي لا تكتفي بإنتاج الأجهزة الإلكترونية والشخصية التي تحقق نجاحاً وانتشاراً عالميين كبيرين، وإنما هي من الرواد العالميين ايضاً في مجال انتاج البرمجيات الترفيهية والألعاب الإلكترونية وحتى الأعمال السينمائية والتليفزيونية الترفيهية من افلام ومسلسلات وبرامج، حيث ان سوني قد استحوذت قبل اكثر من عقد من الزمان على ستوديوهات يونيفرسال الشهيرة في هوليوود. وعموماً، يمكننا القول ان سوني، التي يقع مقرها الرئيسي بمقاطعة ميناتو في العاصمة اليابانية طوكيو، هي واحدة من اشهر وأثرى الشركات المتعددة الجنسيات على الإطلاق، كما انها واحدة من شركات قلائل تكاد أسماؤها تقترن اقتراناً مطلقاً بمفهوم الجودة العالية في نظر السواد الأعظم من المستهلكين حول العالم.. ولكن دعونا نسأل: كيف بدأ كل شيء بالنسبة لسوني؟ وكيف وصلت الى ماهي عليه الآن من نجاح باهر غير خاف على أحد؟ في العام 1945، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة، افتتح (ماسارو إيبوكا) محلاً لإصلاح اجهزة الراديو في اطلال مبنى من المباني التي كانت قد تعرضت للقصف المباشر في فترة الحرب. وفي العام التالي انضم اليه صديقه (آكيو موريتا) وأسس الصديقان معاً شركة اطلقا عليها اسم "طوكيو تسوشين كوجيو"، بمعنى: شركة طوكيو لهندسة الاتصالات. وسرعان ما نجحت الشركة حديثة التأسيس في اختراع اول جهاز راديو ياباني محلي بالكامل يعتمد على تقنية الصمامات المفرغة. وفي أواخر الأربعينيات قرر الشريكان تغيير اسم الشركة الى "سوني"، وهو اسم مشتق بالأساس من كلمة "سونوس" اللاتينية التي تعني "الصوت"، كما انها تمثل تنويعاً على اسم شخصية طفل ياباني شهير ترد كثيراً في قصص الأطفال في الثقافة اليابانية. ورغم انه لم يكن شائعاً في ذلك الوقت - ولا اليوم حتى - ان يتم اطلاق أسماء ذات دلالات انجليزية او اجنبية على الشركات اليابانية، الا ان الاسم الجديد "سوني" كان جذاباً بشكل خاص وسرعان ما نجح في تحدي ذلك العرف الياباني والحصول على استثناء منه. وفي مطلع الخمسينيات سافر (إيبوكا) الى الولاياتالمتحدة وسمع هناك لأول مرة عن اختراع معامل بيل الأمريكية Bell Labs للترانزيستور (أو المحول الصغري). وقد نجح (إيبوكا) في اقناع معامل بيل بمنح شركته ترخيصاً لإنتاج وتسويق تقنية الترانزيستور الجديدة تلك. وبينما كانت غالبية الشركات الأمريكية في ذلك الوقت تسعى لتطوير تطبيقات عسكرية لتقنية الترانزيستور، فإن سوني اتخذت منحى مختلفاً تماماً وسعت الى البحث عن تطبيقات لتقنية الترانزيستور في مجال الاتصالات المدنية. ورغم ان شركتي ريجينسي وتكساس انسترومنتس الأمريكيتين قد سبقتا سوني الى اختراع اول جهازي راديو ترانزيستور يحقق نجاحاً تجارياً عالمياً كبيراً منذ اللحظة الأولى لإطلاقه التجاري (وهو ما يرجع الى انه كان اصغر بوضوح من اجهزة الشركتين الأمريكيتين)، وكان ذلك في أغسطس من العام 1955.وتجدر الإشارة الى ان ذلك الجهاز ظل يحقق مبيعات جيدة حتى أوائل الستينيات. وفي مايو 1956اطلقت الشركة جهاز الراديو الترانزيستور الذي حمل الاسم TR-6، وهو الجهاز الذي انطوى على تصميم مبتكر شديد النحافة وعلى نظام صوتي عالي الجودة قادر على منافسة جودة صوت أجهزة الراديو المحمولة ذات الصمامات المفرغة. ولإضفاء مزيد من الجاذبية على الحملة الإعلانية التي صاحبت هذا الجهاز الجديد، تعاقدت سوني لأول مرة مع احدى شركات الدعاية والإعلان المحلية لابتكار وترويج شخصية كارتونية جديدة للشركة تحمل اسم "آتشان". ويذكر ان شخصية آتشان هذه، التي اصبحت الآن تعرف باسم "سوني بوي" او "الفتى سوني"، قد قوبلت بالترحاب الإعلامي والجماهيري منذ ظهورها الأول ومازالت تتمتع الى اليوم بجاذبية كبيرة على الشاشات وعلى صفحات المطبوعات ومواقع الشبكة. واستمرت سوني بعد ذلك في ابتكار المزيد والمزيد من التقنيات في مجالي الصوتيات والمرئيات، وظلت الشركة على الدوام ملتزمة بأن تكون منتجاتها كلها عالية الجودة والدقة والإتقان، مع مراعاة ان الشركة لم تهتم بمحاولة خفض تكاليف وأسعار منتجاتها بقدر اهتمامها برفع جودتها. وتميزت سوني كذلك بميلها الى التطوير والاعتماد على تقنيات خاصة بها وحدها ومختلفة عن التقنيات السائدة او الرائجة بين منافسيها. وعلى سبيل المثال، فقد طورت سوني في السبعينيات تقنية شرائط الفيديو فئة بيتاماكس بينما كانت تقنية VHS التي طورتها شركة JVC اليابانية في قمة رواجها (ويذكر ان JVC كانت اول من اخترع اجهزة الفيديو اصلاً)، ولكن نظراً لصغر حجم الشرائط فئة بيتاماكس فقد حققت سوني بها نجاحاً تجارياً كبيراً وخاصة في مجال كاميرات التصوير بالفيديو. وبذلك اثبتت سوني ان المستهلكين قد يكونون على استعداد لتقبل تقنيات جديدة مختلفة اذا كانت مبتكرة وعالية الجودة والقيمة المضافة حتى وإن كانت تتطلب منهم شراء اجهزة ومشغلات مختلفة عما يملكونه اصلاً. أطلقت سوني بداية من العام 1968، سلسلة من المنتجات المتميزة والمبتكرة التي حققت للشركة مبيعات وأرباحاً تراكمية هائلة. ومن الأمثلة التي تضمنتها تلك السلسلة من المنتجات الناجحة (على سبيل المثال لا الحصر): اجهزة التلفاز ذات الشاشات عالية التباين فئة ترينيترون (التي بدأ تسويقها التجاري فعلياً في العام 1968وظل مستمراً حتى مطلع الألفية الثالثة)، وأجهزة وشرائط الفيديو فئة بيتاماكس (التي بدأ تسويقها في العام 1975والتي مازالت مستخدمة الى اليوم وخاصة في كاميرات الفيديو غير الرقمية)، ومشغلات وأقراص الحاسب الآلي الممغنطة مقاس 3.5بوصة (التي اطلقتها الشركة في العام 1983لتقضي بها تدريجياً على تقنية الأقراص الأكثر مرونة مقاس 5.25بوصة ذات الكثافة التخزينية الأقل)، وتقنية الكاسيت المحمول ذو السماعة الخارجية فئة ووكمان (في العام 1979) ومن بعدها تقنية الديسكمان او الكاسيت المعتمد على الأسطوانة المدمجة (في العام 1984)، وكاميرات الفيديو الصغيرة الحجم فئة هانديكام (في العام 1985)، وغير ذلك الكثير والكثير من المنتجات المتميزة. وسعياً من الشركة لتعظيم ارباحها وتنويع انشطتها لتدنية مستوى المخاطر الإجمالية التي تواجهها، فقد قامت في منتصف التسعينيات باقتحام عالم الترفيه بقوة وثقة، حيث قامت بالاستحواذ على ستوديوهات يونيفرسال السينمائية، كما اطلقت منصة الألعاب الإلكترونية الشهيرة بلاي ستيشن التي حققت نجاحاً اسطورياً غير مسبوق في صناعة ألعاب الفيديو. والى اليوم مازالت سوني تمثل اسماً مرموقاً وقيمة عالمية محترمة وموثوق بها ومرادفاً حقيقياً لثقافة الجودة والإتقان اليابانية.