لم تظهر تلك العبارة التي في عنوان هذا المقال بالشكل الحرفي على لوحات الإعلانات في شوارع بعض المدن السعودية. ولكن الذي ظهر هو الاسم الإنجليزي لوصول تلك اللعبة التفاعلية المعروفة باسم Assassin's Creed . والذي دعاني للتطرق للموضوع أن الإعلانات التسويقية للعبة مستفزة بعض الشيء. ولا يعود سبب استفزازي أنني ضد اللعب أو المرح وحتى اللعب الرقمي التفاعلي. ولكن السبب يعود أن المعلن هو مكتبة كبرى لم تقدم ضمن لوحاتها الإعلانية بشكل متوازن أو أقل من متوازن ما يصب في خدمة الطلاب الذين يعانون كثيرا من بعض المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم أو اختبارات القياس. والسبب الثاني أن توقيت الإعلانات لبيع اللعبة لم يكن حسب التوقيت المحلي الذي يشارف على امتحانات الفصل الدراسي الأول للجمهور المستهدف, وإنما حسب التوقيت الذي يصاحب أيام "الكريسماس" ورأس السنة الميلادية. فما الذي يمنع من تأخير عرض هذا المنتج لفترة الإجازة طالما أن تلك المكتبة قررت أن توفر اللعبة وتمنح العملاء تخفيضا مناسبا لهذا المنتج الجديد. ولكن الذي أزعجني كثيرا هو التزامن العجيب بين طرح هذا المنتج في لندن، وإعلان جهاز الاتصالات الحكومية أحد أذرع التجسس التابعة لجهاز الاستخبارات البريطانية مسابقة لفك الشفرات الإلكترونية وذلك بهدف جذب مواهب جديدة للعمل في مجال التجسس. حيث دعا هذا الجهاز المتقدمين لحل شفرة بصرية تم نشرها على أحد المواقع المستقلة غير المصنفة على الإنترنت. وسوف تنشر المسابقة بكثافة عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، والمدونات، ومنتديات الحوار. ومن أبرز شروطها أن يحمل المتقدم الجنسية البريطانية ويستطيع فك شفرة اللعبة التي ستقوده للدخول إلى التوظيف في عالم التجسس الرقمي . وليست هذه هي المرة الأولى التي مارست الاستخبارات البريطانية محاولة الوصول إلى الشباب المبدع وإنما عملت قبل ذلك على وضع صور قابلة للتحميل على الشبكة ضمن حمى هذا القاتل المأجور الذي يدخل حاليا جيله الخامس , ووضع الإعلانات على مواقع تحميل الألعاب التفاعلية . وليست أيضا المرة الأولى التي يتلقى فيها هذا الجهاز انتقادا حول إهمال تكوين فريق من جيل الشباب يستطيع أن يكون النواة الحقيقية من اجل الوصول إلى كوادر مناسبة من المختصين في مجال الإنترنت للرد على التهديدات الأمنية على الشبكة العنكبوتية، كما طالب بها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في رده على تقرير هذا الجهاز.وقس على هذا في جامعات ومراكز بحثية أو دفاعية وحتى استخبارية حول العالم. وسبق للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان قبل ما يقارب ثلاثة عقود من الزمن أن قال: لمست في ألعاب الفيديو وجود جيل من الشباب أصبحت لديهم قدرة التناغم العقلي والبصري وأيد دقيقة في العمل، ولهذا أتمنى أن تتبناهم قواتنا الجوية مبكرا لأنهم سيكونون من أفضل الطيارين الحربيين المعتمدين على ذات التقنية. ولدينا في هذا الجزء من العالم من تمرس في ألعاب الفيديو الرقمية ولكن آن الأوان لكي يصبح لدينا مراكز بحثية وتطبيقية في مجال ألعاب الفيديو التي تصور لنا العالم من زوايا فكرية قد تغاير ما يتم تعليمه لهذا الجيل. والحد الأدنى أن يستمتع الأبناء بألعاب فيديو تفاعلية واحترافية ولكن بعيدا عن فكر الجريمة والاغتيالات ؛ فالدراسات العلمية التجريبية والممتدة أثبتت علميا وجود علاقة بين التعرض لمشاهد العنف وارتكاب الجرائم على حد قول غريج أندرسون مدير مركز أبحاث العنف الأمريكي. ولعل اللعبة الرقمية السعودية التي سترى النور قريبا باسم "الركاز في أثر ابن بطوطة" مرحلة جديدة في ألعاب الرحلات والجغرافيا وتأصيل القيم والمعارف.وأتمنى من مكتباتنا أن تحظى مثل هذه الألعاب القيمة بمثل ما حظيت به لعبة العنف أعلاه , وأن يكون ترويجهم التجاري فيه شيء من التوازن بين المعرفة، والمتعة خاصة تلك المواد والإعلانات الموجهة إلى جيل تستهويه المتعة أكثر من المعرفة. فنحن أمام جيل يحتفي كثيرا بتعليق الدراسة وإجازات المطر , والإجازة قبل الإجازة ومن الإجازة.