انتشر الغش والتدليس بشكل مفزع في معظم أسواقنا المحلية. وأصبحت معظم الجهات الرقابية أشبه بخيال المآته الذي يحمي المحصول من العصافير. لكنه لا يستطيع حمايته من اللصوص. لقد أدى انخفاض قدرة الجهات الرقابية على مكافحة الممارسات غير النظامية والثغرات القانونية في بعض التشريعات القائمة إلى تدهور حاد في كفاءة الأسواق المحلية، حتى أصبح ضعف كفاءة التسعير سمة بارزة تفاقمت بصورة مقلقة في الآونة الأخيرة، ففي حالات كثير يتم تحديد السعر وفقا لهيئة المستهلك أو جنسيته أو مكان إقامته أو نوع سيارته. والأدلة على ذلك كثيرة ويصعب جداً حصرها، لكن في قطع غيار السيارات أكثر وضوحاً ولا تتطلب توفير قدرات فنية عالية للجهات الرقابية. فمعظم الشركات المصنعة للسيارات تعرض عدة أنواع من السيارات لمقابلة الاحتياجات المتعددة للمستهلكين، لكن العدد من قطع غيار سياراتها متماثلة تماماً لتحقيق الوفرة الاقتصادية في بعض خطوط الانتاج. لكن ما يثير المرارة أن تكتشف فروقات كبيرة في الأسعار بين فروع الشركات توزيع متعددة الجنسية في الخارج والأسعار التي يتحملها المستهلك السعودي. وأيضاً على سبيل المثال، سريرمن ماركة معينة في بريطانيا قيمته 70 جنية استرليني (ما يعادل 570 ريالاً) يباع في الرياض بمبلغ 1620 ريالا، أي أعلى بنسبة 284%. هذا بالرغم من انخفاض معدل الأجور في السعودية مقارنة بالمملكة المتحدة. والشكل الآخر للاستغلال يتمثل في ارتفاع أسعار معظم الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في السوق المحلية مقارنة بأسعارها العالمية؛ في الوقت الذي تنخفض فيه مستوى جودة خدمات ما بعد البيع وأهمها الضمان الذي لا يتجاوز العام، ومعظم الضمانات التجارية تندرج تحت الضمانات غير الجادة أو الشكلية التي تقتصر على الدعم الفني للمستهلك (أجور الإصلاح)، أما قطع غيار الأجهزة والمعدات فمستثناة من الضمان، وأسعارها مرتفعة جداً لدرجة أن مجموع قيمة قطع غيار أي جهاز أو معدة يتجاوز ثلاثة أضعاف السعر النهائي للجهاز أو المعدة. كما أن البعض يلحقون بقطع الغيار المعرضة للتلف أجزاء أخرى بأسعار مرتفعة. وعند الحاجة لعملية الصيانة يتفاجأ العملاء أن مراكز الصيانة محدودة جداً، وأن عليهم الانتظار لفترات طويلة للحصول على الخدمة، لينتهي بهم المطاف إلى الاقتناع بأن شراء أجهزة جديدة قد يكون أقل تكلفة من صيانة أجهزتهم المعطلة. * مستشار اقتصادي