يعتبر القيادي الإخواني السابق الدكتور عبدالستار المليجي أبرز الذين انشقّوا عن جماعة الإخوان بشكل منهجي ومعرفي وبعد مراجعات طويلة كتب عنها مؤلفات بعضها طبع وبعضها قيد الطباعة والتحرير. تصريحاته التي يدلي بها تتناقلها عشرات الصحف. فكك الهيكلة التي تنتمي إليها جماعة الإخوان بشكل مفصّل فهو الرجل الستيني الذي تربّى على يد عمر التلمساني، وهو المرشد الذي يصفه المليجي بالصادق وهو الذي أثّر فيه كثيراً. بعد رحلة من العمر تجاوزت الستة عقود أخذ المليجي على عاتقه التفكير والمراجعة. نقد مفاهيم كثيرة لدى الإخوان من بينها فكرة الجماعة أصلاً، وتسمية الجماعة ب"الإخوان المسلمين" وصولاً إلى "البيعة" ومفهوم الجماعة ل"الدولة" إذ يغلّبون دولة التنظيم السري على دولة المؤسسات. مما لفتني تصريح المليجي بأن الإخوان يخافون من القانون، ولا يلتزمون به إلا على سبيل الخوف كما يجري لهم في أوروبا وأميركا. وتأكيده على استثمار الإخوان بالمال الخليجي وحلبهم له وتسوّلهم لدى الدول الخليجية التي تعطيهم أحياناً وتمنعهم أحياناً. كما فجّر قنبلة حقيقة "التنظيم السري" الذي ينكره بعض المنافحين عن الإخوان من دونما خبرة كافية، هذا القيادي البارز المليجي يكشف أن التنظيم السري أسسه حسن البنا وإن اكتوى به من بعد، وقوي في فترات وضعف في فترات، غير أنه في هذه الفترة تحديداً على أشدّ معايير القوة، بل ويتمتع بإدارة عالية لمسؤولين كبار في الدولة المصرية وينفّذون توصيات التنظيم السري في أمور مالية وسياسية وخدماتية! أعادها بوضوح المليجي إلى الواجهة، جماعة الإخوان على مشارط التحليل والنقد، عاد الإخوان بدولة بوليسية كما كان الحزب الوطني وأسوأ، لنقرأ التصريح التالي لمحمد مرسي إذ يقول: "لدينا تسجيلات كثيرة سجلها الشعب لمن وقف مع الثورة، ومن وقف ضدها، ومن بكى على المجرم السابق، إن بعضاً من هؤلاء ممن وقف ضد الثورة يتحدث الآن باسم الثورة، والثورة منه بريئة، ويتحدث عن مشكلات الفلاحين وهو لا يعرف متى يزرع القمح ومتى يزرع الأرز وعاش على التطفل"! بآخر السطر، أتساءل مع المليجي: ماذا أبقى الإخوان للحزب الوطني؟! أم هو الطور السياسي الأيديولوجي الذي جعل العمق المافيوي للتنظيم الإخواني يبرز؟! هذه هي الجماعة بكل وضوح والقول قول المليجي القيادي الكبير السابق في الجماعة قبل أن يكون قول كاتب هذه السطور.