شهدت الآونة الاخيرة مساهمة شركات التطوير العقاري في بناء وحدات سكنية خارج المدن الرئيسية وخصوصاً العاصمة الرياض بشكل فعال وحيوي ولافت... والغريب في الامر انه وجد اقبال شديد على هذه المنازل على الرغم من بعدها عن مدينة الرياض بعشرات الكيلو مترات، ومن حالة الركود التي تصيب القطاع العقاري والقطاعات الاخرى، ما كسر حد الركود لهذا المنتج العقاري الذي يتعطش اليه السوق وخصوصا الافراد الذين يبحثون عن سكن او بناء سكن مناسب لهم. وشهدت المدن الصغيرة كالخرج والمزاحمية اقبالا لافتا نظرا لانخفاض سعر الاراضي من ناحية ورفع قيمة قرض الصندوق العقاري للتنمية اخيرا من 300 الف ريال الى 500 الف ريال، والذي تناسب - الى حد ما - مع سعر الاراضي في هذه المنطقة. خصوصا في الخرج والمزاحمية كذلك كونها بها مقرات لبعض الجامعات. الرؤية البعيدة لاهمية التعليم العالي ليس في الزج بالكوادر من الجنسين لسوق العمل، بل بمساحة الحراك التي تخلقها تلك المؤسسات في المدن التي انتشرت بها وتزيد حالياً على 24 جامعة حكومية.. وقد دفع انشاء هذه الجامعات عدداً كبيراً من الاسر الى الانتقال الى المدن التي تتواجد فيها هذه الجامعات بعملهم ومصالحهم كي يكونوا متواجدين مع ابنائهم اثناء مسيرة دراستهم الجامعية.. هذا كله ساعد على انتشار بناء المساكن لاستيعاب هؤلاء الناس، وكذلك شجع على استثمار القطاع الخاص على الاستثمار في هذا الجانب السكني الحيوي والمهم. في المقابل يعتبر «برنامج الأمير سطام بن عبدالعزيز لتنمية محافظات منطقة الرياض» أول برنامج عملي لتعزيز التنمية الشاملة والمتوازنة في محافظات المنطقة من خلال تبني برنامج تنموي تنفيذي يساعد في تحديد وتلبية احتياجات محافظات المنطقة الأساسية وفقا لما تتمتع به من إمكانات ومزايا تنافسية. ويهدف البرنامج لرصد جميع احتياجات المحافظات ووضع الإجراءات والحلول العاجلة لتوفيرها، وتذليل المعوقات التي تواجهها، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ المشاريع المعتمدة في المنطقة. ويأتي البرنامج تنفيذا لتوجيهات أمير منطقة الرياض التي تركز بصورة مستمرة على أهمية تطوير مدن ومحافظات المنطقة، لجعلها مناطق جاذبة للسكان، ومهيأة بكل أنواع الخدمات التي يستفيد منها السكان من خلال توفير الفرص الوظيفية، والحوافز الاستثمارية، وإنشاء المدن الصناعية، وتوفير المرافق التعليمية العليا والمعاهد التقنية، والمرافق الصحية، سواء كان ذلك بإنشاء مرافق جديدة لهذه القطاعات في مختلف أنحاء المنطقة أو بتطوير القائم منها. في حين أن برنامج التوطين الاسكاني والخاص بوزارة الاسكان الجديدة وهو محاولة جادة في تحجيم الاسعار من خلال رفع حجم عرض المساكن باسعار ميسرة تعمل على جذب عدد كبير من الاسر السعودية في جذب المواطن للشراء من الوزارة وباسعار ميسرة. وتسعى شركات عقارية كبرى والتي تعمل على التطوير العقاري وخصوصا السكني منها إلى إقامة مجمعات اسكانية متكاملة جديدة؛ ويرى المستثمرون أن التوطين الاسكاني في مجمعات ومواقع بعيدة تحتاج إلى مزيد من الخدمات والمرافق مثل المساجد والمستشفيات والمدارس وغيرها، ترفع الطلب على الأراضي وتشكل عامل ضغط على السوق، إضافة إلى ازدياد أعداد الوافدين نتيجة حاجة البلاد إليهم للمشاركة في تنفيذ المشاريع العملاقة التي طرحتها الدولة في قطاع البناء، والطرق، والمستشفيات، والجامعات.. ويواجه قطاع العقارات معوقات كثيرة منها تعدد الجهات المسؤولة عن العقار، وتأخير الإجراءات، ما يستوجب إيجاد ما يعنى بشؤون العقار، ويشرف عليه، ويحل مشاكله، إضافة إلى عدم توافر العمالة الكافية لتنفيذ المشاريع. واللافت هنا زيادة الاقبال على السكن في المدن الصغيرة، والقرى، نظراً لمناسبة الأسعار، خاصة أسعار الاراضي.. وتقل هذه القدرة الشرائية في المدن الكبرى، ورغم أن منتجات الاراضي لا يزال بعضها في يد المضاربين، إلا أن نسبة من المستهلكين اتجهت إلى الشراء مباشر - عن طريق منتجات التمويل - لوحدات سكنية جاهزة، وشهد السوق خلال الفترة الأخيرة مشاريع كبيرة خصوصا في الرياض. وكانت وزارة الاسكان قد وضعت ضمن خطتها - المقترحة - اولوية لنظام دعم الإسكان الموجه للفئات المحتاجة والفقيرة في حزمة من البرامج التي تواجه الحاجة للسكن لدى تلك الفئة المحتاجة على اختلاف الظروف والأوضاع المعيشية، هذا بالاضافة الى إقامة المشروعات النموذجية في القرى والمدن الصغيرة مهما كبر أو صغر حجمها، الى جانب برامج مشروعات الوحدات السكنية المتفرقة في المدن الوسطى والكبيرة، وبرامج مشروعات الوحدات السكنية القائمة على دمج الشرائح الفقيرة مع الشرائح الوسطى في المدن المتوسطة والكبيرة. وأوضح خبراء مختصون في الشأن العقاري ان الخطة الطموحة لبرنامج الإسكان بالمملكة فمن المقترح توقيع عقود للتعاون والتمويل والتصميم والتشييد مع شركات المقاولات والشركات العقارية من القطاع الخاص، حيث يتولى القطاع الخاص مسؤوليات التصميم او البناء او التمويل او التشغيل معا بشكل مجمع. وبينوا انه يجب معرفة كيفية الاستفادة من مشاركات الحكومات والقطاع الخاص لتحريك جانب العرض من حيث الفرص للمطورين وصنّاع البناء ومن جانب الطلب بإتاحة الفرصة لمشاركة القطاع المالي. وتضمن خطة الشراكة مع القطاع الخاص في مجال بناء الوحدات السكنية للمواطنين تتضمن اولا: مرحلة التعريف أي التخطيط الاستراتيجي ودراسة الجدوى المبدئية للمشروع، وفحص مدى ملاءمة الشراكة للمشروع، والاعداد الداخلي للمضي قدما في الشراكة. اما المرحلة الثانية فتتضمن دراسة الجدوى التفصيلية والإعداد وتشمل تقييم المشروعات بما في ذلك دراسة الجدوى الكاملة، والإعداد للشراكة بما في ذلك الوثائق اللازمة والموافقات المبدئية. وتتضمن المرحلة الثالثة الاجراءات العملية وتشمل المسودات النهائية للعقود وكل الوثائق اللازمة، منح الموافقة النهائية للمشروع، فيما تتضمن المرحلة الرابعة ادارة عقد الشراكة ومتابعة التنفيذ وتشمل تنفيذ المشروع والمتابعة على مدى حياة عقد الشراكة. وتعتبر مشكلة الإسكان أكبر وأهم المشاكل التي تواجه الشباب في المملكة والمنطقة العربية بأثرها، حيث ان 60% من سكان المملكة لا يملكون منازل رغم نسبة النمو الاقتصادي الكبير الذي تعيشه البلاد، وهذه النسبة مرشحة أن ترتفع إلى (80%) في حال عدم وجود مشاكل مبتكرة تنجح في احتواء الشباب الطامحين في تكوين أسر جديدة، ولابد أن ينظر للإسكان على أنه منظومة متكاملة اكتملت في الأونة الأخيرة بعد وضع التشريعات اللازمة من مجلس الشورى واعتمادها من مجلس الوزراء. يذكر ان عام 2010 قد بين ظاهرة سكانية غير مسبوقة حيث تم انتقال التركيبة السكانية من المراكز الريفية إلى المراكز الحضرية وسيزداد هذا الانتقال تدريجيا ليسكن 70% من سكان العالم في المراكز الحضرية بحلول عام 2050، وقد كان الفهم الشائع بأن المدن الكبرى هي التي تتحكم في النمو العالمي للدول في العقود الأخيرة وفي حقيقة الأمر أن معظم المدن قد نمت بنفس معدل نمو اقتصاد دولها، وبالمقابل فإن المدن متوسطة الحجم التي يسكنها ما بين 150 ألفاً إلى 10 ملايين نسمة هي التي ستساهم بأكثر من نصف النمو العالمي بحلول عام 2025 مستحوذة على حصة المدن الكبرى الحالية. ووفقا لعقاريين فان البنية التحتية للمدن الكبرى في المملكة تمر بمرحلة استكفاء، حيث تشهد المدن الكبرى نموا سكنيا يقدر ب 2.5% سنويا، مما يشير إلى ارتفاع معدل الزحف للمدن بحثا على فرص وظيفية أو تعليمية، مما يفوق الطاقة الاستيعابية وعدم تناسب البنية التحتية من الخدمات العامة والبنى الفوقية من حيث المدارس والمستشفيات، مع زيادة التوسع العمراني كفيل بتكوين فقاعة عقارية، مؤكدا ضرورة وضع ورسم صورة مستقبلية لوضع سوق العقار في السعودية بعد تنفيذ الأوامر الملكية حتى تتضح الصورة للعاملين في الشأن العقاري والمستثمرين على حد سواء.