لم أتمكن من حضور الأمسية الشعرية الأولى التي اقامتها اللجنة النسائية في النادي الأدبي بالرياض الاثنين الماضي 20/5/1426 ه إلا أن سروري بردود الفعل الطيبة التي بحثت عنها بفضول لم أعهده في نفسي أراحني. كنت حريصة على تقدير الفرصة التي أعطانا إياها نادي الرياض الأدبي بتخصيص أنشطة منبرية للمرأة وقد كنا نطالب بذلك منذ سنين. لم تكن عودة الشاعرة غيداء المنفى إلى ساحة الشعر عادية وهي عودة يليق بنا الاحتفاء بها، عودة تشير إلى ان الإبداع المتأصل ربما يستكين أو يهجع فترة عن صوته الخارجي لكن لاتغيبه الظروف الاجتماعية أو الشخصية أو السنون إلى الأبد خاصة إذا كان شعرا كشعر غيداء.. وعودة الشاعرة غيداء ربما تضاعف من القناعة والإيمان النابعين من روح الشخصية المبدعة بأهمية ملكتها التي لابد من فرض هيمنتها بالرغم من تصادمها مع السائد الذي ربما يرفضها أو يحبسها أو يحجمها.عرفت الشاعرة فوزية أبوخالد بغيداء لدى تقديمها إياها وإدارتها الأمسية فقالت: الشاعرة غيداء المنفى تلك التي أرسلت بروق القصائد باكرا في مطلع القرن الهجري فأثارت الأسئلة والدهشة إلا أنها على ما يبدو ما لبثت أن اختطفت ليلة العرس. غير أن شهوة الشعر لم تبرح تهتف بالشاعرة إلى أن استعادتها لنا قصائد واعدة بالشموس والمطر معا. وكأن يد المكان وعقارب الساعة لم تفلح ولن تفلح في إطفاء جذوة إيقاعات القلب ونبضه. وتبقى فاطمة التي لاتنقطع عن ساحة الأدب ومنبره فانوسا لايغيب عنه الضوء. وانشغالي بارتباطات عائلية تزداد مع موسم الإجازة الصيفية أفقدني التركيز في معلومات الرسالة الخلوية التي وصلتني من الصديقة العزيزة الشاعرة فوزية أبو خالد عن مكان وموعد الأمسية فأسرعت إلى فرع مكتبة الملك عبدالعزيز في حي الروضة الذي عهدت اقامة الأمسيات الثقافية فيه والحقيقة أنني انقطعت عن فعاليات المكتبة مؤخرا نظرا لما أعانيه من صعوبة تيسر المواصلات وتوافرها. المهم أنني فوجئت بتغير المكان علي بعض الشيء ، حاولت مهاتفة عدد من الصديقات ولم ترد علي واحدة ما اضطرني إلى قراءة الرسالة ثانية لأتأكد من مكان الأمسية فذهبت إلى حي المربع وإلى غابة أخرى من الطرق والممرات أشد وحشة.الحقيقة أنني أضعت أكثر من نصف الساعة في السؤال والبحث في شوارع مظلمة قليلة الإنارة مع أن المنطقة المحيطة بالمكتبة في غاية الجمال والجاذبية..زاد شعوري بأن الأمسية وصلت إلى خاتمتها ما اضطرني إلى العودة إلى البيت بكثير من الخيبة والخسارة. علمت أن مديرة الأمسية الشاعرة المبدعة فوزية أبو خالد تساءلت عن عدم تلبيتي دعوة اللجنة وحضور الأمسية ولم تعلم فوزية بما حصل لي من عقبات أتحمل الجزء الأكبر منها لكني في الحقيقة أتساءل كثيرا عن قلة اللوحات الإرشادية في منطقة شديدة التعقيد ذات شوارع وممرات فرعية متعددة ومتشابهة. ليست المرة الأولى التي أذهب فيها إلى المركز التاريخي وليست المرة الأخيرة التي أعاني فيها من متاهة الشوارع التي تختبئ لوحاتها المرشدة وتقل للعيان وهذا عيب كبير في حق منطقة أثرية ذات قيمة سياحية بل إنها معلم مهم في الرياض كلها. أعود إلى الأمسية لأناقش بعض المسائل التي تؤكد على البداية القوية للجنة بشاعرتين لهما تواجدهما واسمهما على الساحة الأدبية وفي مناسبة أنني لم أتمكن من حضور الأمسية تمنيت الاستماع إليها وكنت سألت عن توفر تسجيل لها لكن المؤسف أنه لم يكن هناك تسجيل للفعاليات مع أهمية ذلك وأجدها فرصة مناسبة لأقترح من خلال مقالتي على اللجنة المنظمة تسجيل فعالياتها الثقافية وتوثيقها لأنها تعد بمثابة البحث الذي قد تستفيد منه الجامعات ودارسو أدب المرأة السعودية فالملاحظ غياب الناحية التوثيقية في فعاليات تخص المرأة وهو غياب يؤثر في قيمة ومصداقية المناسبة وقد يحرم من يود العودة إلى أحداثها ذلك الحق. و اختيار شخصية إبداعية مثل فوزية أبو خالد لها مكانتها الفكرية والأدبية لتكون رئيسة للجنة النسائية امر يبعث على الثقة والاطمئنان بماسوف تنجزه هذه اللجنة من فعاليات وندوات تخدم ثقافة المرأة في بلادنا بل وتعمل على تنقية الساحة من شوائب نماذج فرضت نفسها وغثاثتها المكتوبة والمقروءة على منابر الثقافة ووجدت مكانها في غياب تنظيم جاد لايجامل في ترويج ثقافة تضر برسالته وتحط من ذائقة أجياله الجديدة وتذوقها. هذا الاهتمام من النادي الأدبي يستحق شكرا وامتنانا لبداية جاءت بصورتها الصحيحة تبعث على التقدير. ومؤازرة جهود اللجنة النسائية حضوريا وفعليا واجب كل امرأة تهتم بثقافتها لأن جهودا من هذا النوع لابد أن تنال حقها من الحرص والمحافظة لتبقى بمستواها اللائق بدورها ورسالتها. وكنت سألت احدى زميلاتي الصحفيات اللاتي حضرن فعاليات الأمسية عن النقاش الذي دار بين الشاعرتين والحاضرات فذكرت لي أن اهتمام بعض الحاضرات جنح نحو أسئلة تقليدية لم تكن ذات أهمية أو توجه عميق يحلل الشعر ويستنطق الشاعر وهومايبعث على التأكيد مرارا على أهمية الدور المنوط باللجنة النسائية من ناحية حسن اختيارها لضيوف منبرها الذي بتكثيف الحوار بينه وبين جمهوره تستطيع الحاضرة أن تتزود شيئا فشيئا بثقافة السؤال وقيمة مايطرح لا مايقال لمجرد القول.فانتقاص المتلقية لنوع رفيع من أدوات الحوار الفعال له علاقته بضعف تلقيها ومتابعة ماتنتجه المثقفة المحلية والتلقي لما يجدربه ان يتلقى ويهذب في الحاضرة حس الحوار وجودة التلقي فلا تكثر اسئلة فيما لايبدو مفيدا.