** القدرة على التجدد.. هي هبة من الله للعقل والروح.. تأتي كنقيض للثبات والجمود.. اللذين عادة ما يكونان محور حياة الذين يحنون للماضي ولا يريدون أي شيء من ظواهر المستقبل أن تؤثر في حياتهم. والحنين للماضي يكاد يتحول إلى داء لا دواء له: «بالأمس كنا.. آه من كنا.. ومن أمس يكون». وهبة التجدد.. لا تعني تلقف الصرعات الناشئة.. لأن الصرعات للزوال.. لكن الرغبة في التجديد الذي يساهم في تطور حياة الناس ويحولها للأفضل.. هو المعنى الحقيقي للتجدد، وبهذا المعنى.. أنا شديد الاستهجان والكراهية لأولئك الذين يضعون عيونهم وقلوبهم على الغرب.. وتجدهم في كل شاردة وواردة يقولون هناك في أمريكا يحدث كذا.. وهناك في النمسا يحدث كذا.. وفي أوروبا يحدث كذا.. دون أن ينظروا لطبيعة خصوصية الشعوب.. ومراحل تطور تقاليدها وعاداتها.. ومراحل نموها الديني والعقلي.. وتطور مفاهيمها الاجتماعية.. بعيداً عن مقارنتها بأي شعب آخر لأخذه كمثال يجب أن يحتذى به. ولنا أمثلة في الشعوب الآسيوية التي تطورت تطوراً كبيراً واكب نهضة حضارة الغرب دون التخلي عن خصوصيات تميز كل شعب عن الآخر.. بعيداً عن الشعور بالدونية.. بل إن هناك من يرى أن بعض شعوب آسيا.. ينظر إلى الغرب باستعلاء متحصناً بما لديه من معطيات تقليدية في الحضارة والدين والنمو الاجتماعي والاقتصادي. لذلك يقودنا التجدد العقلي والروحي إلى حالة من التوازن التي تهدف إلى تطوير الأدوات والأداء والمفاهيم التقنية وسبل التعامل مع التقنية الحديثة ودراسة أفضل أساليب الاستفادة منها.. مع الحفاظ على الخصوصية. وفي بلاد مثل بلادنا.. مازلنا في بداية خطواتنا في هذا الاتجاه دون الدخول في تلك القفزات المميتة التي تؤدي إلى التغرب والاغتراب، ولاشك أننا نراهن على سبل التعليم الحديثة التي استحدثناها.. وعلى أولئك الشباب الذين يدرسون في مختلف أنحاء العالم والذين سوف يكونون أصحاب القدرة على تحقيق قفزات نوعية في الأداء وفي المفاهيم التي يمكن أن تقودنا في الاتجاه الصحيح، بعيداً عن الصرعات.. وبعيداً عن فكر أولئك الذين يريدون أن يقارنوا طموحاتهم بإنجازات الآخرين التي لم تتحقق إلا بعد صراع دام لعدة مئات من السنين.