انتصار وتميز جديدين ومرموقين لبلد العطاء والاستثمارات الجبارة التي تتمحور حول تكوين الإنسان وصياغته وتأصيل مفاهيمه وإعداده منتجاً خلاقاً يشارك في منظومة التنمية الشاملة، ممثلة هذه المرة بكل القائمين والمشاركين والحاضرين في المؤتمر العلمي السعودي الدولي السادس في جامعة برونيل لندن، تحدثنا كثيراً عن برنامج الابتعاث ورؤيته الاستشرافية، ونحن اليوم كما اعتدنا خلال السنوات الماضية نلمس هذا الاستثمار، ونشاهد عن قرب ثماره تعطي، وأغصانه تبرعم في فضاء التميز والبراعة والريادة والخلق، مؤتمر سنوي تشهده المملكة المتحدة يتطور ليس فقط في حجمه لكن بمضمونه، فالأبحاث والأفكار تتطور من خلال الدراسة التي يكتسبها الطلاب في جامعات المملكة المتحدة، ففعلاً "العلم نور" حين نرى جيلاً شاباً يتحدى العالم بمثابرثه للوصول إلى القمة محصناً بشهادات أكاديمية وتجارب ثرية. حيث عمل العقل متماهياً مع طموحات قيادته في رؤيتها المستقبلية لتقديم الإنسان والوطن مشاركين في بناء الحضارة الإنسانية. المملكة استطاعت تحديث وتطوير نظام التعليم والمناهج وتعزيز الهوية والانتماء فقد افتتح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة يوم الجمعة الماضية المؤتمر العلمي السعودي الدولي السادس في جامعة برونيل لندن ويقام تحت عنوان "الاستثمار في المعرفة"، حضر حفل الافتتاح صاحب السمو الأمير نايف بن سعود بن محمد وأعضاء سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة والملاحق ومديرو المكاتب السعودية في بريطانيا والمسؤولين في جامعة برونيل. المؤتمر العلمي مؤشر على التطور المستمر للمؤتمرات العلمية للطلبة السعوديين وقام سموه في بداية الحفل بجولة على المعرض المصاحب للمؤتمر في الخيمة السعودية وقسم الملصقات العلمية في مقر جامعة برونيل حيث زار أقسام المعرض واستمع إلى شرح من القائمين عليه، ونوه سموه في كلمة له في الحفل الخطابي للافتتاح بهدف المؤتمر في تشجيع الطلبة السعوديين في كل التخصصات على العمل بجهد كبير مشيراً إلى أن هؤلاء الطلبة هم الذين سيحملون اسم المملكة العربية السعودية في المحافل العلمية في المستقبل. الأمير محمد يلقي كلمته الأمير محمد: المؤتمر أحد الأحداث الهامة يسرني أنه قد تمت دعوتي لافتتاح المؤتمر العلمي السعودي الدولي السادس، هذا المؤتمر هو تعاون بين جامعتين حديثة العهد نسبيا - جامعة برونيل من المملكة المتحدة وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن من المملكة العربية السعودية، وكلاهما ساهمتا في جعل هذا المؤتمر واقعا: الأولى باستضافته، والثانية عن طريق تمويله. أريد أن أتقدم بالشكر والتقدير الشخصي لنائب رئيس الجامعة والمدير البروفيسور جوليا باكنغهام والدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لمساهمتهما السخية في هذا المؤتمر، وعمدة هيلينجدون، المستشار مايكل ماركهام على حضوره هنا اليوم. شكري وتقديري أقدمه أيضا إلى جميع القادة وأعضاء فريق تنظيم المؤتمر، من أندية الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة وأيرلندا، جامعة برونيل وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فقد عملوا دون كلل وبدعم كامل من وزارة التعليم العالي في السعودية، ممثلة بالملحقية الثقافية السعودية، لجعل هذا المؤتمر معرضاً للمعرفة والبحث، أنا في وضع محظوظ من حيث تمكنت من إلقاء نظرة على المعرض والعروض التي أُبدعت من قبل الطلاب. الأمير بدر بن سعود يلقي كلمته إن مجموعة التخصصات التي يتم دراستها من قبل الشباب السعودي والالتزام الذي يظهرونه تجاه أبحاثهم واعتزازهم في إنجازاتهم لا تتوقف أبداً عن إبهاري، اعتزازهم وفخرهم بات مستحقا وفي محله أنا أحييهم، وأود أيضا أن أنوه بجدول أعمال المؤتمر، سوف يناقش المؤتمر نحو 90 موضوعا، تقدم من خلال أكثر من 150 ورقة و245 بوستر، من قبل متحدثين من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وايرلندا والكويت، وهؤلاء المتحدثين سيخاطبون مجموعة أكثر من 1100 مشارك. هذا هو المؤتمر السعودي الدولي العلمي السادس، وأنه من المشجع أن نشير إلى أنه من عام الى عام يتوسع نطاق المؤتمر، مع المعارض والأنشطة الثقافية وورش العمل والدورات التدريبية، هذا المؤتمر هو أحد الأحداث الهامة في التقويم الأكاديمي في المملكة المتحدة ويحفل بالاعداد المتزايدة من الطلبة السعوديين في جميع أنحاء العالم. الملحق الثقافي يلقي كلمته في الحفل أتمنى لهذا المؤتمر والمنظمين والراعين والمضيفين والمتحدثين والمشاركين نجاحا مماثلا وأكبر حتى من ذلك الذي حققه سابقه. والهدف من هذا المؤتمر هو تشجيع الطلبة السعوديين في مرحلة البكلوريوس والدراسات العليا، على جميع الأصعدة، للعمل الشاق وتوسيع حدود المعرفة ليس فقط من أجل رضاهم، بل أيضا لمصلحة المجتمع ككل. فهم حاملو العلم لغد المملكة العربية السعودية واستمرار الإرث الذي تركه مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، أو ابن سعود كما عرفه الغرب. سموه يشاهد بعض محتويات المعرض وقد تم تكريم هذا الإرث من قبل الملوك أبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - في مواصلة مسيرة مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، وقادوا المملكة بكل نجاح عبر مجموعة متنوعة من التحديات والمتغيرات، وتحت القيادة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، واكتساب المعرفة والإصلاحات في نظام التعليم السعودي هما الركن الأساسي في جميع خطط الحكومة. أود أن آخذ بعض الوقت لنمعن النظر إلى أكثر من ثمانين عاماً مضت منذ تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة عام 1932م بحيث يمكنك فهم كيف انتقل هذا البلد من دولة صحراوية مترامية الأطراف ليس فيها موارد أو مظاهر الحداثة والتطور، إلى دولة رائدة وقوة اقتصادية في العالم العربي وصاحبة أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من جزيرة معزولة عن التأثيرات الخارجية لقوة اقتصادية دولية لأهم مورد للطاقة على وجه الأرض، ووحدة سياسية ناشطة يعمل قادتها، ودبلوماسيوها واقتصاديوها وممولوها على دعم السلام والتقدم في كل منطقة من مناطق العالم. جزء لا يتجزأ من نجاح المملكة العربية السعودية يعود إلى خطط التنمية الذكية والطموحة للاستفادة من إمكانات البلاد الاقتصادية. جزء أساسي من هذه التطورات النفطية الوفيرة، تم امتلاك صناعة النفط بطريقة تدريجية من قبل الدول خلال السبعينات الذي أدى الى ملكية كاملة من قبل المملكة لأكبر شركة نفط حكومية في العالم، أرامكو السعودية، بحلول عام 1980، عائدات النفط تمثل نحو 75٪ من إيرادات الميزانية و 90٪ من عائدات التصدير، أكثر من 60 شركة، من بينها الاحتكارات الكبيرة التي تشكل الجزء الأكبر من الاقتصاد السعودي في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات الاجتماعية، كليا أو جزئيا تمتلكها الدولة، الى ذلك فإن الحكومة قد عملت جاهدة على مدى العقود القليلة الماضية إلى تنويع وفتح معظم قطاعات الاقتصاد إلى القطاع الخاص المحلي والمستثمرين الأجانب، بحيث أن حوالي 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي يأتي من الاستثمارات الخاصة، في الواقع، فإن الأهداف البعيدة المدى الرسمية للدولة السعودية هي تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد في المملكة على عائدات النفط، وبناء بنيتها التحتية، والحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي الكافي لضمان توفير فرص العمل المرضية. وقد قدمت خطط ضخمة للبنية التحتية منذ نشأة الدولة، في المستشفيات والمدارس والسكك الحديدية، والموانئ، والطرق السريعة والمطارات ومحطات تحلية المياه، والمدن الصناعية ومعامل التكرير ومرافق الإنتاج، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وقد جاء هذا التنويع نتيجة وجود السعودية حاليا كقيادة للأعمال التجارية التي تتمتع باستقلالية عن الدولة، والتي كثيرا ما تضغط من أجل نظام اقتصادي يتميز بالشفافية وخال من الفساد، ومع نظام قضائي مستقل ينفذ ضوابط محددة بوضوح. ففي عام 1932 كانت المدارس قليلة والأمية مرتفعة والمناهج تركز على العلوم الاجتماعية، وكان الفتيان والرجال فقط يتم التحاقهم بالمدارس، باختصار حتى منتصف التسعينات، كان يفتقد المنهج التعلمي التقتيات التحليلية المستقلة، لكن مع دخولنا للقرن الواحد والعشرين فإن القيادة في المملكة كرست طاقتها لتحديث وتطوير نظام التعليم والمناهج، وهذا شاهدناه خلال العقد الماضي كردة فعل على بعض وجهات النظر المتطرفة في المملكة العربية السعودية، وفي سعيهاً لتحديث مستقبل الاقتصاد السعودي، وتعزيز الهوية والانتماء في سن مبكر لدى الطلاب والطالبات، وهذا الأمر بدأ خلال العقد الأخير وذلك لتحديث وتطويرالمستقبل الاقتصادي للمملكة، مع منهج أكثر عالمية وذو أسس علمية، والمربون والقادة السعوديين يدمجون التاريخ السعودي في التعليم الابتدائي في محاولة لتعريف الطلاب لمفهوم الدولة السعودية والهوية السعودية من سن مبكرة. لم يتم تحديث وتنويع المناهج الدراسية فقط، ولكن الدولة السعودية هي الآن رائدة في المنطقة الإقليمية في الاستثمار في التعليم بما يقارب 46 في المائة من جميع النفقات الحكومية تذهب نحو التعليم والتدريب المهني، في فبراير 2007 وافقت حكومة خادم الحرمين الشريفين على مشروع مدته ست سنوات، ينفق عليه 2.3 مليار دولار لإعادة تدريب المعلمين وإعادة كتابة المناهج الدراسية، بما في ذلك المواد عن اللغة العربية والرياضيات والعلوم، وخصصت ميزانية الدولة لعام 2009 28 مليار دولار لبناء أكثر من 1،500 مدرسة جديدة بالإضافة إلى أكثر من 4،000 قيد الإنشاء. قطاع التعليم العالي حصل على استثمارات ضخمة خلال العشر السنوات الأخيرة ومن ضمنها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وبرنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي وإقامة أكبر جامعة للطالبات في العالم وهي جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وهذا مؤشرعلى الانفتاح المستمر على التعليم للفتيات وخاصة في مجال التعليم العالي. كنت سعيدا جدا لاستضافة حفل في السفارة عقد مؤخرا لتكريم الطلاب السعوديين الذين سجلوا براءات الاختراع والاكتشافات العلمية الهامة أوالتميز على مستويات مختلفة في مجالات دراستهم. لكن هذا المؤتمر العلمي والأكاديمي وغيره من المؤتمرات أحد الطرق للبناء على الأسس الموجودة لنقل المجتمع للأمام في مسيرته الطموحة نحو النمو المستدام والتطور للأجيال القادمة. كل هذه الجهود والمبادرات وبشكل خاص في مجال التعليم والتعليم العالي تعود إلى الرؤية السديدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله - وهي مبادرات تضع الأسس لوطننا في مسيرته الدائمة نحو اكتساب العلم والمعرفة، حيث عززت الدولة خلال الثمانين عامًا الماضية من المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي المستقر والمتطلع إلى الأمام وبتفكير متنور، في هذا المحفل العلمي اليوم أرى طلبة وطالبات سعوديين نفتخر جميعنا بهم كرسوا وقتهم وقدراتهم لتعزيز مكانة بلادهم وتقدمها والمحافظة على ما من الله به عليها من خير كثير وبذلك نكون قد حققنا حلم المؤسس في وطن قوي ينعم بالاستقراروالإزدهار. على مدى 82 عاما الماضية، عززنا مناخاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مستقراً ومتطلعاً، وحتى التفكير الاستشرافي، هذا لا يعني عدم وجود مزيد من العمل الذي ينبغي القيام به، لأن هناك دائماً ما يمكن تطويره وتحسينه، وكلما أنظر من حولي أرى عدداً كبيراً من الطلبة السعوديين يكرسون جميع طاقتهم لمساعدة وطنهم ليستفيد من ثماره، وأنا فخور، ولكن ربما بطريقة ما، أنا لست الأكثر فخراً، لا، بل الأكثر فخراً هو الرجل ورفاقه الذين سعوا جاهدين قبل 82 عاماً ليقدموا لنا الكثير، وهذا الرجل الذي هو، في طرق عدة، والد لنا جميعاً، والمبادىء والمثل الذي رسمها تنعش بشكل يومي جهود معقدة ومكثفة لأولاده، ومصدر إلهام لهم. كما ألقى صاحب السمو الأمير بدر بن سعود بن محمد رئيس الهيئة الإدارية لأندية الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة وأيرلندا كلمة رحب فيها بسمو الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز والحضور، وقدم سموه شرحًا لأهمية المؤتمر العلمية وما يتضمنه من ورش عمل أكاديمية وأوراق عمل وملصقات علمية. وعبر عن شكره وتقديره لرعاية ودعم سمو السفير ومعالي وزير التعليم العالي والملحق الثقافي للمؤتمر. من جهته أشاد الملحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة الدكتور فيصل بن محمد المهنا أبا الخيل بالتعاون العلمي والأكاديمي بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة. وأكد في كلمة له أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي هو خطوة صحيحة للأمام أتاحت للشباب والشابات من أبناء الوطن الفرصة في تحقيق أحلامهم العلمية والمعرفية من أجل خدمة وطنهم. وعزا الدكتور أبا الخيل الفضل في نجاح المؤتمر إلى الجهود التي يبذلها سمو السفير ومعالي وزير التعليم العالي ومتابعة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة برونيل. كما ألقت نائبة مدير جامعة برونيل البروفيسورة جولي باكنجهام كلمة أكدت فيها أن سمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة "ليس سفيرًا لبلاده في بريطانيا وإنما أيضًا سفيرًا للتعليم". وأوضحت أن جامعة برونيل تحتضن سنويًا ما لا يقل عن مئة طالب سعودي، مشيدة بمستوى الطلبة السعوديين العلمي والأكاديمي وتمثيلهم لبلدهم على أفضل وجه. بعد ذلك شاهد الجميع فيلمًا وثائقيًا عن تأسيس أندية الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة وأيرلندا، وفيلمًا آخر عن الأوراق العلمية المقدمة في المؤتمر. كما تلقى سمو السفير والبروفيسورة جولي والملحق الثقافي هدايا تذكارية بهذه المناسبة من سمو رئيس أندية الطلبة السعوديين ونائب مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للبحث العلمي الدكتور سهل عبدالجواد.