الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة، الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد وضيفنا اليوم هو وكيل جامعة الملك سعود لتطوير الأعمال الدكتور محمد السديري: سوء التخطيط وراء أزمة المنتخبات السعودية.. وأحلام الرياضيين أكبر من إنجازاتهم * ذات مقال تحدثت عن البطالة وأوردت أرقاماً مهولة ترتبط بها وبما أن الرياضة مقصد الشباب فهل ترى فيها بحكم نظرتكم الاقتصادية ما يستطيع ان يقضي أو يحد من بطالة الشباب من مشاريع جديدة؟ - أشرت في مقالات عدة عن البطالة وطرائق علاجها، وإن كان معدل البطالة إلى الآن غير مستقر وغير مؤكد إلا أن التقارير والإحصائيات الدولية تشير إلى أن معدل البطالة في السعودية 11.9 بالمائة، وتصل نسبتها بين من هم في مرحلة الشباب إلى 39 بالمائة، والحل في نظري هي المشاريع الريادية والإبداعية لدى الشباب، وقد أطلعت على كثير من الحماس والرغبة لديهم في تبني مشاريعهم الريادية، ولأن الرياضة نشاط خصب للتجارة وكذلك مفيد للشباب لشغلهم والاستفادة من طاقاتهم وتوظيفها فمن الأفضل أن تكون هناك مشاريع رياضية تقدم حلولا جديدة للحد من البطالة، وتبني المفهوم الصحي الشامل. الاستثمار في الرياضة تجاوز حاجز المليون دولار.. وغياب الفكر أضاع على الأندية الاستفادة من الإعلانات * كثيراً ما نسمع عن البيئة الجاذبة والبيئة الطاردة وأنت المتخصص في إدارات الأعمال والاقتصاد هل ترى بأن الوسط الرياضي السعودي بيئة جاذبة ام طاردة لشركات الاستثمار؟ - أهنئك على هذا السؤال الرائع، فالضوء كبير جداً في الرياضة وهو يجهر من يعمل فيه، وبالطبع يا أخي أصبح الاستثمار الرياضي من أهم المجالات التي تعود بالربحية على مستثمريها، باعتبار الرياضة صناعة وتجارة واستثمار تضاهي في أهميتها الصناعات المتقدمة عالمياً، وتقوم عليها أنشطة تجارية وخدمية متعددة، ولا أقل من ذلك تأثيرها الايجابي في تطوير السياحة، وعلى الرغم من التخوف والإعراض من بعض الشركات الاستثمارية للخوض في الاستثمار الرياضي في السعودية إلا أنه من الإنصاف يا أخي، وبحسب التقارير أنها أصبحت تتصدر دول العالم العربي في حجم الاستثمارات الرياضية، وقد نجحت في تحقيق سمعة جيدة في هذا المجال إذ تخطى الاستثمار الرياضي خلال العام 2010 مثلاً حاجز المليار ريال والتوقعات تشير بتضاعف هذا الرقم، ولكن بالنظر إلى الاستثمار الرياضي على أساس تجاري نرى أن المفهوم التجاري البحت هو السائد الذي يعتمد أساساً على منتجاته وفرقه وإدارته في النجاح وقيادته في الإبداع، وهو مجال خصب بحاجة إلى رجال أعمال ومبدعين قادرين على نقله، وليس هو بحاجة إلى رجال مال فقط يبحثون عن الظهور والبروز وبالنهاية يدمرون الرياضة لدينا وهذا ما هو حاصل الآن، أسال الله خلاص الرياضة منه. * وهل ترى أن الأندية السعودية استفادت كما يجب من ميزة الاعلان المدفوع بكافة أشكاله؟ - ليس بالحد المطلوب، بسبب ضعف الأداء الإداري لدى الأندية وغياب الفكر الاستثماري المنتظم والمنضبط الذي أضاع على الأندية الاستفادة المالية والحصول على عوائد من خلال استثمار الإعلانات التجارية. * بعد الدراسة التي قدمتها عن تطبيق تقنية نقاط البيع الالكتروني بماذا تنصح الأندية؟ - حبيبي أنت تتكلم عن دراسة قبل أكثر من 15 عاما وفي عالم التقنية تجدها تتغير بالأشهر، ولكن في اعتقادي انه ليس البيع الالكتروني فقط بل الاستفادة من التقنية بكافة أنواعها في بيع المنتجات الرياضية والتذاكر وكل ما يتعلق بالأندية بما يحقق الريادة لأنديتنا التي ستمكنهم من الاقتراب أكثر من جماهيرها وتوسيع نشاطاتها الرياضية والتسويقية. * برأيك هل غيرت ثورة الوسائط المتعددة (الملتيميديا) في طريقة التعاطي مع الأحداث الرياضية؟ ام أن الأمر لا يزال مبكراً اذا كنا نتحدث عن السعودية؟ - انظر إلى الإعلام المرئي ووسائله المتنوعة ماذا أحدثته في الرياضة من نقل وتعاليق وتحاليل، ثم انظر إلى المنتديات الرياضية ووسائل التواصل الاجتماعي وأنت تعرف الحكم، لكن لا يزال الحلم أكبر من الانجاز. * متى يخاف المدون والمغرد وغيرهم من تحمل مسؤولية ما يكتبون؟ - حين يُغرد بعيداً عن قناعاته، وحين يجعل همه إرضاء المتابعين بغض النظر عن رأيه والأفكار التي يؤمن بها، وحين يبحث عن الشهرة فقط حتى لو كانت على حساب المصلحة العامة. * المجالس والجمعيات بمختلف أسمائها أصبحت مثل البقالات في عددها، فهل انت مع استمرارها وزيادتها أم تراها فائضة عن الحاجة؟ - والله يا ابن الحلال كثُر الكلام ما يفيد نحن بحاجة إلى عمل أكثر وثرثرة أقل، ولن أُحاجج على زيادتها إلا بمقدار دورها المسؤول في الحراك الرياضي والتوعية الثقافية والنشاطات التي تمارسها في خدمة المجتمع بعيداً عن التعصب الأعمى. * وماذا عن إنتاجيتها؟ - لا تعليق * وهل أنت مع او ضد انشاء مجالس وجمعيات رياضية (وللاعبين والجمهور - والإعلاميين وغيرهم)؟ - نحن بأمسّ الحاجة إلى تلك الجمعيات وزيادتها ولكن على مستوى الكيف وليس الكم، فهي الضابط والمتحكم والمشرع وستكون المرجعية الرياضية حتى نحمي الرياضة من الدخلاء عليها. * هل تؤيد اضطلاع الشركات الكبرى بأدوار مالية وتطويرية تساهم في تفوق الرياضة السعودية ؟ - الاستثمار الرياضي بحاجة إلى تنظيم إداري في الأندية أولا بحيث تعمل الأندية وفق نظام مؤسسي وليس فردياً، أما الشركات فمن الواجب أن تقوم بدورها في النهوض بمستوى الرياضة السعودية سواءً على مستوى رعايتها للأندية والرياضيين أو الاستثمار الرياضي بإقامة منشآت رياضية معتمدة عالمياً باعتبارها شريكاً مهماً في التطوير والانجاز، حينها سأكون على يقين بأن رياضتنا سوف تزدهر وتنافس في المحافل الرياضية على المستويات الإقليمية والدولية. * نلمس حالة هرولة من بعض المستثمرين العرب نحو شراء حصص في الأندية الأوربية فهل ترى في تلك الهرولة بحثاً عن مكاسب تجارية ام إعلامية فقط؟ - مع الاتجاهات الحديثة التي قادت الرياضة لأن تكون تجارة عالمية مربحة مكنت بعضهم إلى توظيف أمواله وليس تنمية استثماراته وهي طريقة في ذات الوقت للحصول على الشهرة بفضل الشهرة التي تتمتع بها تلك الأندية التي تنعكس على المستثمرين من خلال التركيز الإعلامي فيهم. وهنا أوجه دعوة إلى المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين إلى أن يتجهوا للاستثمار في أندية الوطن استثماراً وليس توظيفاً للمال، خصوصاً أن السوق الرياضي بدأ يشهد إقبالاً متزايداً ويبشر بمستقبل باهر بإذن الله. * كمتخصص في الاقتصاد وإدارة الاعمال لو تمت عملية تخصيص الأندية وطرحت أسهمها في السوق أي منها سيتصدر محفظتك المالية؟ - بحسب إدارتها سأستثمر فيها وبحسب مؤسسيتها وتنظيمها. * ميزانية أحد أندية الدوري السعودي تفوق ميزانية جميع مراكز البحث العلمي في جامعاتنا هل تراه أمراً طبيعياً؟ - للناس فيما يدعمون مذاهبُ. * في الكتابة الصحفية كيف تمارس الإطاحة بالخصوم أو القفز على الحواجز أو حتى الرميات المتقنة؟ - القلم أمانة ومسؤولية ومتى ما استخدم لأهداف خاصة أو تجريح فقل على الكاتب والكتابة السلام، وأنا أميل إلى التمريرات الهادئة التي تحترم عقل القارئ، والرميات المتقنة التي أسعى جاهداً من خلالها تنوير الرأي العام وتوسيع مدارك القراء وإيجاد حلول، فالكتابة ليست تسليط ضوء فقط بل إيجاد حل وهو ما يجافيه كثير من الكُتاب. * بين رواتب الأكاديميين ورواتب اللاعبين من يغلب من؟ - يا قلب لا تحزن!! * يقال إن التسوق هو رياضة المرأة المفضلة ما رأيك بتلك المقولة؟ - من وين جايب هالكلام، مهو بصحيح فالتسوق رياضة الرجل والمرأة على السواء فكثير من الرجال يستمتع بالتسوق وهو من الرياضات المفضلة لديهم، فلماذا تجيرون هذا الشيء للمرأة فقط وتنسون الرجل؟ وإلا قم بزيارة أحد مراكز التسوق في أي وقت وسترى عكس هذه المقولة، وبعدين يا أخي في المفهوم التسويقي وخبراء السلوك الشرائي الذين يقولون إن كثيرا من قرارات الشراء أصبحت بيد المرأة أكثر من الرجل وهو ما نشاهده في الإعلانات التجارية الموجهة للمرأة بشكل كبير. * في معادلة (المال والرياضة) من أفسد من برأيك؟ - كلاهما أفسد بعضهم بعضاً وقطّع بعضهم في بعض فحب السلطة والظهور والبروز وحب (الترزز) عند بعض رجال الأعمال أفسد الرياضة، وهذا هو واقع المسيرة الرياضية التي نشاهدها على الساحة السعودية، ولابد أن تكون الأخلاق هي المكمل للعلاقة فيما بينهما. * هل ترى وجه شبه بين الرياضة والتجارة غير الربح والخسارة؟ - لا شك أن الرياضة قد تحولت إلى تجارة يقاس نجاحها بمقدار الربح والخسارة؛ إلا أن المثابرة والحماس ونشوة النصر تظل قواسم مشتركة بينهما. * إلى متى ومنتخباتنا ترزح تحت فكر إدارة الأزمات؟ ولماذا تحدث الأزمات أصلاً؟ - إلى أن تعتمد التخطيط الاستراتيجي منهاجاً لها والكفاءة الإدارية عنوانها والتطوير والإبداع منارة تهتدي بها، ومتى ما صار ذلك سأراها في حال أفضل مما كانت عليه، فسوء التخطيط يا أخي لدى منتخباتنا هو سبب رئيسي لحدوث وتكرار الأزمات. * في خارطتك أي الرياضات تسكنك؟ وأيها تنبذك؟ وأيها تقفل الباب في وجهها؟ - فخامة المستديرة هي اللعبة الجميلة، ورياضة المشي في برنامجي اليومي. * لو قيض لك أن تعمل في حقل الرياضة فمن أي أبوابها ستدخل؟ - من باب الخروج!! * لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم هل ستحضر أم ستجير التذكرة لشخص آخر ومن هو؟ - أيش رأيك أجيرها لك هدية! * بصراحة أي الألوان تراه سائداً في منزلك؟ - الأبيض فهو لون الصفاء * ولأي الأندية تدين الغلبة في المنزل؟ - لنادي الحكومة * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ - المساس بأمن الوطن خط أحمر، ولهذا اعذرني سأسحب منك بطاقتين حمراء البطاقة الأولى سأوجهها لمن يُذكي نار الفتنة ويعكر صفو الوطن، والبطاقة الثانية سأرفعها للإعلام الرياضي المتعصب. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ - للقطاع الخاص الذي لا يزال يعتمد كلياً على العمالة الأجنبية من دون إحلالها بالشباب السعودي ولمن تهربوا من تحمل المسؤولية وتناسوا دورهم في ذلك.