بدأ بالأمس في المملكة المتحدة الاستعداد لحملة هي الأولى من نوعها في العالم من حيث حجمها لحث المدخنين على التوقف عن التدخين خلال شهر أكتوبر وأطلق عليها "ستوب توبر" لربطها باسم الشهر، والغرض منها تشجيع المدخنين على الامتناع عن التدخين خلال الشهر القادم،وبدأت الحملة من الآن بإعلانات في التلفاز والإذاعة مدعومة من الحكومة البريطانية ومعهد أبحاث السرطان ومؤسسة القلب البريطانية، وتقول الدكتورة سالي ديفيز كبيرة الأطباء بأن التدخين ما يزال أحد الأسباب الرئيسية للوفيات حيث يقتل مائة ألف فرد سنويا في المملكة المتحدة، مع انضمام مائتي ألف سنويا من صغار السن لصفوف المدخنين، ويتحمل نظام العلاج الحكومي هناك 2.7 بليون جنيه إسترليني سنويا وخسارة للمجتمع بقيمة 13.7 بليون جنيه سنويا، وتضيف مورين تالبوت من مؤسسة القلب البريطانية المساهمة في الحملة بأن التوقف عن التدخين هو أفضل شيء يفعله المدخن في حياته لنفسه وأسرته ومن يحب، بجانب الحفاظ على أعضاء جسمه ومنظر أسنانه وجلده وبالطبع جيبه، ودلت الإحصائيات على أن ثلثي المدخنين لديهم الرغبة في ترك التدخين بلا رجعة فستكون هذه الحملة الجماعية فرصة فريدة لكي يشجع ويساند (بل ويتنافس) المدخنون بعضهم البعض على التوقف عن التدخين. تجري هذه الحملة في ظلّ دعوات أخرى طموحة وجسورة تنادي باجتثاث التدخين من بريطانيا في مدة عشرين عاما، ويقول البروفيسور جون بريتون رئيس مجموعة مستشاري الدخان بكلية الأطباء الملكية بأن وزير الصحة الذي يبدأ هذه الخطوة سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأنه مشروع واقعي وعملي قابل للتنفيذ، وتقول إيلزا روتر مديرة الحملة: "نريد أن نجعل التدخين تاريخًا في الماضي لأطفالنا"، وفي أستراليا تنادي حملة مماثلة بتجريم بيع الدخان لمن ولدوا بعد عام 2000م. هنا في بلادنا ما تزال حملات النصح بعدم التدخين تتسم بالحياء والخجل، في الوقت الذي تحتاج فيه لدفعة قوية من كل المهتمين والمسئولين كافة سواء كانوا من الرسميين والصحيين والدعاة والتجار، فمن بلادنا الطيبة سطع نور الهداية والرحمة على العالمين، وليس مقبولا أن يسبقنا غيرنا لما فيه فائدتنا ومصلحتنا خاصة وأن الأمر بأيدينا وفي متناولنا، ويذكرني هذا بأحد رواد الجودة "إدواردز ديمنج" حينما أحجم الصناعيون الأمريكيون عن تطبيق آرائه في الجودة فذهب إلى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية فتبنى اليابانيون نصائحه وطبقوا أفكاره، فغزوا الأسواق العالمية بمنتجاتهم ومنحه إمبراطور اليابان أرفع الأوسمة، وحينما عاد لبلاده أطلق شعاره المشهور والذي يستخدمه رؤساء أمريكا أحيانًا حينما يرغبون في شحذ همة الشعب: إذا كانت اليابان تستطيع.. فلماذا لا نستطيع نحن؟ *وكيل كلية الطب للشؤون السريرية جامعة الملك خالد