كثير هم الغيورون على لغتنا العربية الذين نادوا ولا يزالون ينادون بضرورة اتخاذ خطوات عملية لتجديد الحياة في لغتنا العربية، وتمكين أهلها منها والاعتزاز بها، وها هم الأساتذة الأجلاء يقدمون في مجلة الهلال عدد مايو 2012م ملفاً خاصاً بعنوان : (أزمة اللغة العربية وهوية الوطن) يتضمن الكثير من الخطوات العملية للنهوض بها، ويتحدثون عن العديد من قضايا اللغة العربية بيننا، ويردون على من يهاجمون اللغة العصماء الخالدة، ويزعمون عجزها عن مواكبة العصر؛ ففي السنوات الماضية كانت دعوة (سلامة موسى) في كتابه (البلاغة العصرية واللغة العربية) إلى هجرها والتقليل من قدرها، لكن الكثير من أهل الحمية على العربية تصدوا له، وأبطلوا مزاعمه الخاطئة، والتي من أبرزها : الدعوة إلى العامية بدلاً من الفصحى . والغيرة على لغتنا أصيلة صادقة، متعددة المواقع والصور، وكان أقربها منذ شهور مؤتمر المدينةالمنورة للغة العربية، والذي كانت له فعاليات وقرارات كفيلة بتعزيز مكانتها في نفوس وحياة أبنائها، ومنها أيضاً : المؤتمر الدولي للغة العربية بالتعاون مع اليونسكو، والمنعقد في بيروت في 19 – 22 مارس 2012م. ** ** ** والغيرة على لغتنا أصيلة صادقة، متعددة المواقع والصور، وكان أقربها منذ شهور مؤتمر المدينةالمنورة للغة العربية، والذي كانت له فعاليات وقرارات كفيلة بتعزيز مكانتها في نفوس وحياة أبنائها، ومنها أيضاً : المؤتمر الدولي للغة العربية بالتعاون مع اليونسكو، والمنعقد في بيروت في 19 – 22 مارس 2012م، وكانت لي فيه مطالب عملية ضرورية لإنقاذ الناشئة العرب من الإهمال المتسارع للغتهم العظيمة، وفي هذا العدد من الهلال أشاد الأستاذ عادل عبدالصمد إلى ما كان في جلسات ذلك المؤتمر، وأثنى على ما جاء فيه من توصيات عملية، يجب وبحسم تنفيذها لاستعادة مكانة لغتنا الغالية في نفوس أهلها. ** ** ** وفي مقال (اللغة العربية .. ماضيها وحاضرها) يتحدث الدكتور محمد أبو ليلة عن أصالة وعراقة اللغة العربية أوسع لغات العالم من حيث المفردات، والمشتقات والتراكيب، والصوتيات، وأعلن أنه لن تكون لنا نهضة حقيقية إلاّ بعد النهوض باللغة العربية، وطالب بالمحاسبة الصارمة على الأخطاء اللغوية في أجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة، وفي الكتب والمناهج الدراسية، بجانب تشجيع الاستثمار باللغة العربية، مع ضرورة التوسع في تعليمها لغير الناطقين بها . ** ** ** وتذكّرني دعوة أخي الدكتور هذه بالمحاسبة الصارمة على الأخطاء اللغوية بما كان متبعاً في المدرسة ونحن صغار في تصحيح أوراق الاختبارات، وخصم نصف درجة على الخطأ الإملائي في أي موضوع، وربع درجة على ترك علامات الترقيم، فكيف تنازلنا عن حقوق لغتنا في حساب المقصرين اليوم !! حتى إن بعض الكتب لكثير من المؤلفين مملوءة بمئات الأخطاء، وفي الصحف والمجلات ما يخزي من مثل ذلك التهاون .. أما أخطاء الإعلام المسموع والمشاهد فحدث ولا حرج، وكلنا يتأذى من سماع ذلك، ويرفضه. ** ** ** وتطرق الدكتور طاهر مكي في مقالة له عن قضية عصرية مهمة هي (اللغة العربية وتكنولوجيا القرن الواحد والعشرين) وذكر أنه إذا كانت اللغة قد ارتبطت بالسياسة في عصور سلفت عن طريق الخطابة فهي الآن أساس الخطاب الإعلامي، وهو يعارض ما يقوله بعض الناس من أن إخضاع اللغات لضوابط العلم وهم خادع، لأن الرياضيات والمنطق والإحصاء لا تستطيع أن تحيط بظواهر اللغة المعقدة، ويبين كيف أن لغتنا القومية في ظل العولمة وثورة المعلومات تتعرض لحركة تهميش نشطة بفعل الضغوط الهائلة الناجمة عن طغيان اللغات الأجنبية، ويعلن الدكتور طاهر مكي أن مهمة المثقف العربي بالغة الصعوبة ؛ لأن عليه أن يتصدى لأزمة اللغة العربية تنظيراً وتعليماً، واستخداماً، وأن يتبنى في قوة سياسية لغوية قومية تنهض باللغة العربية . ** ** ** وتجيء محاورات الدكتور محمد زغلول سلام حول تطور لغة الكتابة والشعر في القرن العشرين، وما كان من دفاع أمير الشعراء أحمد شوقي، وتحدث بإسهاب عن الحوارات الكبرى الساخنة بين إعلام الأدب والكتابة شعراً ونثراً في أول هذا العصر الحديث، وما كان من موقف لطه حسين ورفاعة الطهطاوي وعلي مبارك، وإنشاء كلية دار العلوم التي كان ولا يزال جهدها البارز المشكور في الحفاظ على أصالة اللغة العربية منهجاً، وتعليماً، واستعمالاً، وانتشاراً، وهي ودار الهلال التي تصدر هذه المجلة (الهلال) متقاربتان في شارع واحد، وكأنهما جنديان مدافعان معاً عن اللغة العربية، ومعروف في الأوساط التعليمية بتميز خريج دار العلوم الذي يطلق عليه (درعمي) . ** ** ** وكم أعجبني المقال الجميل للأستاذ الدكتور عبداللطيف عبدالحليم (يحيا النحو، ويحيا سيبويه) مؤكداً الحقيقة التي تقول : إن اللغات ترقى حين ترقى قواعدها، ومن فضل الله على هذه الأمة أن وهبها رجالاً كانت اللغة لديهم بمثابة العقيدة، وهو يذكرني بمقال عنوانه (النحو في الكلام كالملح في الطعام)، وكلمة للدكتور فتحي فريد (لو هدمت قواعد اللغة العربية فلن نفهم القرآن الكريم) . وعبارة جميلة وعنوان مشرق للدكتور| محمود بن يوسف فجال يقول : (فضل اللغة العربية على اللغات كفضل القمر ليلة البدر على الكواكب) . ** ** ** يا أهلنا العرب لغتكم لغة عبقرية سامية فلا تتساهلوا في حقها، حثوا الناشئة على تذوقها والحديث المستقيم بها. ** ** ** وفقنا الله جميعًا إلى الخير والصواب، والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها.. اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة ، وأَمِِدّنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.