لايمكن أن يكون هنالك عذر او دفاع او مبرر لمحنة الملايين من البشر في أفريقيا الآن. كما انه يجب الا يكون هنالك عائق يحول دون تغيير حال أولئك الملايين، كانت تلك دعوات رنانة أطلقها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في وقت سابق من العام الحالي عند تقديمه لحقائق فرضت نفسها ولتوصيات واضحة بجلاء من لجنته الخاصة بأفريقيا، وسنرى في وقت لاحق من هذا الأسبوع ما إذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش لديه تصور أو رغبة حقيقية لمواجهة هذه التحديات وانتهاز فرصة تاريخية للعمل على تحسين بشكل كبير وجذري معيشة تلك الملايين من البشر. وتتاح الآن إمكانيات مشتركة وغير معتادة في قمة هذا الأسبوع لاغني دول العالم في اسكتلندا. وإذا كان الرئيس بوش ذلك الرجل المحافظ والعطوف والرحيم حقا كما يقول عن نفسه فانه لن يجعل هذه الفرصة تضيع دون تواصل الولاياتالمتحدة مساهمتها في الجهود الدولية لتضمين أفريقيا في جهود رخاء القرن الحادي والعشرين. إن أفريقيا لا تتطلع إلى التسول للحصول على هبات ولكنها تتطلع إلى المساعدة لتغذية رأس المال البشري وصحة أبنائها ولتحقيق مقدرات حكومية وكل هذه أشياء تعتبر مقومات أساسية لامفر منها للتنمية الحديثة وان أفريقيا الفقيرة تطلب من دول العالم الغنية منحها تذكرة دخول إلى العالم الحديث وان أمريكا أغنى دول العالم ستخون مبادئها وإنسانيتها إذا تخاذلت عن ذلك. ومن اجل هذه الغاية النبيلة فان الرئيس بوش اكثر اهتماما بمشاكل أفريقيا مقارنة مع سلفه فقد زاد من المساعدات الشاملة وزاد من الإنفاق على برنامج مكافحة وباء نقص المناعة المكتسبة «الإيدز» واوجد حساب تحديات القرن الحادي والعشرين لمكافأة افضل الحكومات الأفريقية بل وانه في الأسبوع الماضي وعد بالمزيد من الزيادات بما فيها برنامج لمكافحة الملاريا ولتدريب المعلمين الجدد وبتمويل دراسة لمساعدة الفتيات في الالتحاق بالتعليم. غير انه وحتى الآن فان هناك فجوة مخيبة للآمال بين إعلانات بوش السخية والأموال التي خصصتها واشنطن بشكل فعلي لقارة أفريقيا فقد اخفق البيت الأبيض في دفع وحث الكونغرس الذي يهيمن علية الجمهوريون على تمويل بشكل كامل وتام برامج بوش للمساعدة كما فشل في حث من عينهم لشئون المساعدة في جعل الأموال تتدفق على اشد المحتاجين إليها على نحو فوري . ويبلغ إجمالي الانفاق الأمريكي في كافة أرجاء العالم وعلى كل أنواع المساعدات الخارجية حتى الآن نسبة 16،. في المائة فقط من اجمالي الدخل الأمريكي مما يعد إحدى اقل الحصص في العالم المتقدم. وقدمت معظم الدول الأوربية الممثلة في القمة بالفعل نسبا أعلى من دخولها الوطنية الأصغر كما وعدت كثير منها بمضاعفة هذه النسبة خلال الفترة من الآن وحتى عام 2010 وعليه فان الرئيس بوش يحتاج إلى التزام واشنطن بمعدل أسرع للزيادة من اجل تبوء أمريكا مرة أخرى لزعامة التنمية العالمية. إن المستقبل الأكثر إشراقا لأفريقيا يتطلب اكثر من مجرد زيادة المساعدات فان التوصيات الأخرى التي قدمتها لجنة توني بلير مهمة أيضا، وان الدعم الزراعي للعالم الغني جعل من الممكن للمزارعين الأمريكيين والأوربيين واليابانيين من ذوي التكلفة المرتفعة يبخسون من منتجات أفريقية موثرة حتى في أسواقها الخاصة. ويتعين أن تكون هذه المساعدات على مراحل وينبغي تعزيز الاهتمام والأموال لتعزيز اتفاقيات السلام في أفريقيا والعمل على منع حدوث النزاعات قبل نشوبها لان ذلك سيكون اقل تكلفة واكثر إنسانية بدلا من الانتظار لإرسال مساعدات بعد حدوث إبادة جماعية وفواجع إنسانية أخرى وبعد ظهورها في شاشات التلفاز في العالم. ويجب كذلك على المانحين التأكد من مسؤولية الحكومات الإفريقية وخضوعها للمحاسبة في اوجه انفاق هذه المساعدات. ويمكن للدول الغربية المساعدة في محاربة الفساد من خلال حث شركاتها على أن تكون اكثر شفافية فيما يتعلق بالمال التي تدفعه للحكومات الأفريقية للحصول على النفط والماس والمعادن النفيسة الأخرى والضغط على المصارف الغربية للقيام بمراقبة افضل للودائع المشتبه فيها وعلى محولي الاعتمادات المالية. وتجيء أفريقيا إلى اجتماع قمة هذا الأسبوع معلنة التزامها بان تكون مسئولة وشريكا بناء وفعالا في تنميتها الخاصة وقد حققت أفريقيا إنجازات مهمة خلال العقد الماضي أو نحو ذلك بما في ذلك تزايد عدد الانتخابات المتعددة الأحزاب في كافة أرجاء القارة السمراء بحيث اصبح الحكام المستبدون فيها استثناء وليس حكما عاما كما شهدت القارة انخفاضا كبيرا في الحروب الأهلية المدمرة وجهودا كبيرة لمحاربة الفساد ان دعم وتعزيز مثل هذه الإنجازات الإيجابية من شأنه بعث الأمل في نفوس ملايين الأفارقة كما اعلن بوضوح توني بلير وإننا نناشد الرئيس بوش بتبني مواجهة هذا التحدي بالإنابة عن الشعب الأمريكي. «خدمة نيويورك تايمز»