تتكرر الحوادث اللاإنسانية في مجتمعنا بشكل متزايد، عمليات دهس لأطفال ونساء مع هروب المجرم، تجد نفسك في حيرة من تزايد النواحي الإجرامية لدى الكثيرين، قبل أيام شاب مارس التفحيط الانتحاري بجانب حديقة لتنزه العوائل، والنتيجة اقتحامه لسور الحديقة ودهسه عاملة منزلية كان معها أطفال، ففضلت الموت لنفسها مقابل إنقاذ الأطفال، والمحزن محاولة الشاب المجرم الهروب، وقبلها بأيام اصطدم أحدهم بعائلة ونتج الأمر عن إصابة طفل العائلة إصابة خطيرة وهروب المجرم..!! الكثير من الحوادث المتشابهة حامت حول ناظري بألم، وانا اعيد مشاهدة فيلم (Seven Pounds) للنجم العالمي ويل سميث، تسببه بمقتل سبعة من افراد عائلة واحدة في حادث مروري نتيجة انشغاله للحظات بهاتفه الجوال ووفاة خطيبته، جعله انساناً آخر، لم تجعله يتبلد ويتزايد بقساوة القلب كما يحدث مع مجرمي التفحيط والسرعات القاتلة، تعامل مع الفاجعة التي حصلت له بإنسانية عالية، حدد لنفسه ضرورة تعويض سبعة اشخاص بما يفتقدونه ومساعدتهم، الامر انساني بالفعل عندما تشغل كل تفكيرك وتحرك كل حواسك لمساعدة الآخرين، الامر الاصعب ان تستجمع قواك وحراكك واحاسيسك لكي تكون انساناً يساعد وينقذ البشر. جميل ان تتحول اخطاؤك عند تصحيحك لها لإنقاذ الآخرين، رائع ان تكون ايجابيا بعد ان اضطررت للحظة ان تكون في غاية السلبية، في فيلم سميث تنبع الانسانية بصورة مدهشة، والدراما التي لعبها بإتقان في الفيلم ليست من الخيال او من المعجزات وانما ضمن سيناريو قد يمر حولنا كثيرا، ولكن كيفية التعامل تختلف، فالرعونة في قيادة السيارات لدينا وارتكاب جرائم القتل من خلالها نجد القاسم المشترك وبصورة متكررة الهروب واحيانا للأسف تكرار الامر ببرودة اعصاب..!! انا هنا لن اطالب بالدور المدهش للنجم سميث وتطبيقه واقعيا رغم عدم استحالته، ولكن اتمنى ان نصل لفكر ارقى في التعامل السليم من سلبياتنا وجرائمنا في حق الغير، الاحساس بعظم الذنب الذي نقترفه طريق البداية لنعمل على محاولة الخروج من آلامه بسيناريو انساني اكثر احترافية وواقعية، فيستطيع مجرم التفحيط على سبيل المثال ان يخفف من وطأة جرائمه بالتبرع بكامل اعضائه عند وفاته لينقذ بشرا آخرين هم احوج للإنقاذ على سبيل المثال، ويستطيع كل منا ان يتعامل مع تصحيح سلبياته بأعمال وافعال انسانية متنوعة، مهما كانت سيئاتنا في حجمها من حيث الكبر والصغر. بحث ويل سميث عن سبع نساء ورجال وقدم لهم المساعدة، وانقذهم بتبرعه بأعضائه لهم، ورغم اني من الناحية الانسانية وليس الدرامية اختلف مع الفيلم في الختام، الا ان العمل الفني بطبيعته الابهار والمفاجأة وهذا ما زاد الفيلم في حبكته جمالا وتشويقا، وجعل من الدقائق البسيطة بعد موته دقائق مؤثرة ومليئة بعنصر الاحاسيس الصادقة، بعكس ما نعيشه في واقعنا هذه الايام من تهور وقتل وهروب وغياب لمستوى الوعي والمسؤولية في ظل عوامل دخيلة علينا ويزداد عنفوانها وسطوتها بشكل مقلق ومثير، بالفعل نحتاج لضمير يصحو ويفعل الخير كما جسد ذلك ويل سميث، نحن في مرحلة نحتاج فيها لإنسانية واقعية اكثر مما شاهدنا في الفيلم!.