تتحدث الإحصائيات عن الأثرياء السعوديين على أنهم بازدياد. كشف تقرير لإحدى شركات الاستشارات في سنغافورة أن عدد الأثرياء السعوديين بلغ 1265 شخصاً، تقدر ثرواتهم ب230 بليون دولار، ويؤكد التقرير أن السعودية احتلت المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط في عدد الأثرياء العرب. هذه الثروة الطائلة والهائلة يمكن أن تنعكس على المجتمع بشكل إيجابي فقط لو أخرجت الزكاة، وبطبيعة الحال أنا لا أتهم التجار أنهم لا يدفعون الزكاة، ولكن أقول إن الحالة التجارية لا تدل على أن معنى الزكاة قد تحقق مما يؤكد أن بعض التجار لا يؤدونها ولا يؤدون الصدقة أحياناً. لو أخرجت زكاة 230 بليون دولار فسيضخ للمجتمع ما يقارب ال5.75 أي أكثر من خمسة مليارات دولار سنوياً، وهذه الحسبة المبدئية توضح أن هناك بعداً من شريحة غير قليلة من التجار عن الاحتياجات الاجتماعية الماسة والتي يريدها الناس أو يحتاجونها. أن يتبرع أكثر من أربعين مليارديراً أميركياً بنصف ثرواتهم هذا عمل خيري لم نصل إليه بعد. وشريحة التجار الذين أتحدث عنهم أولئك الذين بنوا ثرواتهم من جهات مشروعة. أما الذي يسرق مال الفقير ليغتني هذا رجل قد تجاوزته المقالة وما لجرح بميّت إيلامُ! يبدو أن الثقافة تؤثر على الأثرياء تبعاً للبلدان أو الثقافات التي ينتمون إليها. ومع أن تاريخنا هو تاريخ بذل وعطاء والنبي عليه السلام كان يهدي ودياناً من الغنم وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وأبو بكر تبرع بكل ماله للمشروع النبوي وعمر بن الخطاب تبرع بنصف ماله. وثمة أثرياء أحياء وأموات قاموا بجهود حثيثة في مجال الدعم الخيري، غير أن الملاحظ تراجع الثقافة الحديثة في انتقاء المشروع موضع التبرع! لا يكفي أن نوقف مثلاً برّادات المياه أو أن نبني مسجداً في حيّ مليء أصلاً بالمساجد، وحسناً فعلت وزارة الشؤون الإسلامية حين حددت المساحة بين المسجدين ب300 متر تقريباً. أتمنى من أثرياء بلادي أن تكون يدهم سخيّة لمشاريع تخدم مجتمعهم، مثل الحدائق أو المكتبات العامة أو مراكز البحث العلمي أو المستشفيات أو القطارات والشوارع، فالثري هو شريك للمجتمع ويسد الثغرات التي تعاني منها الحكومة، فهل هذا صعب ومستحيل وأمر معجز للإنسان الذي كافح وصبر حتى بنى كل هذا الثراء؟!