* بحسب مجلة (فوربس) تصدّر 8 سعوديين قائمة أثرياء العرب للعام 2012 بإجمالي ثروات قدرها 45 مليار دولار، من أصل 36 مليارديرا عربيا جمعوا (121.3) مليار دولار فقط لا غير.. ورغم ثقتي الكاملة أن ما خفي كان أعظم؛ وان هناك أسماء لم ترد في القائمة ممن يفضلون وضع أموالهم تحت البلاطة.. إلا أنني أنصحك -عزيزي القارئ- بعدم الاطلاع على تلك الأرقام الفلكية، أو محاولة تحليلها حفاظا على (فيوزات) مخك الداخلية، خصوصا إن علمت أن أحدهم يملك ما يعادل ميزانية مصر وبلدان الشام مجتمعة!!.. وأن مجموع ثرواتهم بالريال يعادل حجم - طيب الذكر - مبنى التجارة العالمي في عز مجده!. * بالطبع لسنا في وارد (النق) والحسد.. وسنفترض الظن الحسن في (ربعنا) وفي جميع بنوكنا وشركاتنا وتجارنا بل وحتى هواميرنا الأعزاء ونقول إنهم يؤدون فريضة الزكاة، وهذا يعني -بحسبة بدو- تحصيل ما لا يقل عن 30 مليار ريال سنويا، الأمر الذي سيفتح المجال أمام 30 مليار سؤال شيطاني أن (يتنططوا) في وجوهنا من مثل: كيف تُجمع أموال الزكاة؟!.. وفيم تصرف؟ ولماذا لم تغير - رغم ضخامتها وديمومتها - من واقع الفقر والفقراء في المجتمع شيئا مذكورا.. فالمنطق يقول: إنه لو تم تحصيل تلك المليارات طوال السنوات الطويلة الماضية وصرفها في مصارفها الصحيحة لما بقي في بلادنا ولا حتى في البلاد المجاورة فقير واحد يمكن شراؤه بتذكرة مباراة و(نص بروست)!. * أكبر مشاكل العمل الخيري في مجتمعنا تكمن في كون معظم رجال الأعمال لدينا لا يفرقون بين الصدقات (المزاجية)؛ وبين التزاماتهم ومسؤولياتهم الاجتماعية.. ولا يقدّرون قيمة العمل المؤسساتي المنظم.. فلم نر أحدا منهم يفعل مثلما فعل الكافر (وارن بافيت) الذي تبرع ب43.5 مليار دولار لمؤسسة (ميليندا وبيل غيتس) الخيرية، أو مثل الأشد كفرا (بيل غيتس) الذي قدم مبلغ 30 مليار دولار للمنظمة ذاتها، أو حتى مثل كبيرهم الذي علمهم الكفر (تيد تيرنر) الذي تبرع بنصف ثروته لتمويل مشاريع للأمم المتحدة في العالم الثالث.. وهذه التبرعات الضخمة والمنظمة ساهمت في أن يكون في أمريكا اليوم أكثر من مليون ونصف المليون من المؤسسات الخيرية، بالإضافة إلى مئات الجامعات والمدارس والمستشفيات ومراكز البحث، التي ستقدم خدماتها للفقراء والمحتاجين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. * من المهم جدا إنشاء بنك للزكاة مستقل عن وزارة المالية مهمته تحصيل أموال الزكاة وتنميتها من جهة.. وتقديم المساعدات للفقراء من جهة أخرى من خلال صناديق ومؤسسات؛ تحسّن البيئة الأساسية وتموّل مشاريع إنتاجية صغيرة، تحوّلهم من فئات باحثة عن العمل إلى فئات تخلق وتبدع فرص عمل جديدة.. فبنوك الفقراء -حول العالم- تقوم بدور تنموي مهم يساعد الفقراء على الالتحاق بعربات قطار التنمية، والأهم أنه يحفظ لهم كرامتهم بعيدا عن أساليب التمنن والمعايرة. * من أشد السخرية أن الفقراء رغم ما يعانون من أعراض المرض والجوع والمسغبة هم أكثر شرائح المجتمع تعاملا مع مختلف أنواع البنوك، بدءًا ب(بنك التسليف) وانتهاء ب (بنك الدم)!.. وهي ذات الحالة التي عبر عنها فيلسوفهم ابن جدلان بقوله: يا فقر قلي وش تخبي من ورانا زود (ن) على فقر الدراهم فقر دم!!.