لا شك ان الأثرياء في أي مجتمع مطالبون تلقائياً بأدوار يقومون بها هي شبه واجبة، لكنها ليست مُلزمة، بمعنى أن من لم ينفذها سيعاقب. الزكاة معنى إسلامي عظيم لكنه للأسف لم يفعّل. بعض الأثرياء يمارسون الشطط في جزئيات لكنهم لا يؤدون الزكاة أو لا يساهمون كثيراً بالتبرعات أو الأعمال الخيرية. وكم أتمنى أن تنتشر المساهمات القوية في البلد بحيث نجد مركز غسيل كلى في الحي الذي يسكن فيه التاجر، أو مكانا متخصصا في التغذية الرمزية والتموين. الرجل الثري مطالب بأعمال أقوى من الأعمال التقليدية، مطالب بأن يتبرع بجزء من ثروته للمجتمع، وبين النظرية الماركسية وبين الرأسمالية الفجة مساحة من العمل الإنساني الجيد. كان العالم مصعوقاً حين تبرع بيل غيتس بنصف ثروته للأعمال الخيرية، غير أن الخبر الأقوى تجلى في: "تعهد 38 مليارديرا أميركيا بالتنازل عن نصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، ليرتفع إلى 40 عدد الأثرياء المنخرطين في مشروع ظهرت بوادره قبل 15 شهرا تقريبا، وتقدر مجلة فوربس أنه قد يدر 600 مليار دولار إذا أنجز كليا". والمشروع هو فكرة غيتس وحسب مجلة فوربس يوجد في الولاياتالمتحدة 403 مليارديرات، وإذا نجحت خطة غيتس في إقناعهم بالتنازل عن نصف ثرواتهم، فإن حجم الأموال التي ستذهب لأعمال الخير قد يبلغ 600 مليار دولار!! هذه النماذج من البذل والعطاء والتنازل عن بعض المال لبني الإنسان تبين أن المال ليس شرطاً أن يكون مفسداً، بل هو مصلح لمن منّ الله عليه بالكرم على من حوله وأهل حيه أو أقاربه أو بني مجتمعه حسب الاستطاعة. لا نريد من أثريائنا أن يتبرعوا بنصف ثرواتهم، لكن نريدهم أن ينخرطوا أكثر في إسعاف المجتمعات التي يعيشون فيها. كم من ثريّ تحتاج قريته أو مدينته إلى مستشفى أو مركز خيري أو شوارع أو حدائق ولا يستطيع أن يسعفها بسبب الجشع. المال زينة الحياة الدنيا، لكنه حين يجمّد يأسن، والباذل يشعر بالسعادة ما لا يشعر به في الأخذ والكسب، والعطاء هو زكاء الروح وعطرها وجمالها، والأغنياء الذين ضربنا بهم المثل هم من الغرب الذي نشتمه صباح مساء، من هنا نقول في الغرب نماذج لم نستطع نحن مقاربتها أو الوصول إليها بكل اعتراف.