ذكرت الحياة الأسبوع الماضي أن تقريرًا لإحدى شركات الاستشارات في سنغافورة كشف أن عدد الأثرياء السعوديين بلغ 1265 شخصًا يبلغ مجموع ثرواتهم 230 مليار دولار أي بمعدل يقارب 200 مليون دولار للثري الواحد. ومع شعوري بأن هذه الأرقام متواضعة خاصة في ظل الطفرات المالية المتتابعة لكني سأسلم بهذه الأرقام، فما تراها تعني؟! أولًا: لو افترضنا أن الزكاة واجبة على كل هذا المبلغ المهول، فإنها ستقارب 6 مليارات دولار أو 22 مليار ريال. هذا إذا احتسبناها بمعدلها الشرعي البالغ 2.5% أو ربع العشر. ومع ذلك فإن من الواضح أن المستخرج لا يقترب من هذا الرقم إطلاقًا مع أنه يسير وبسيط إذا ما قورن بما يدفعه الأثرياء خاصة في الولاياتالمتحدة طواعية لأعمال الخير والبر والمشروعات المجتمعية الكبيرة الهادفة. في العدد نفسه من الحياة وعلى الصفحة الأخيرة جاء خبر من واشنطن بعنوان: (عدوى بيل غيتس الخيرية تصيب 11 مليونيرًا). وفي ثنايا الخبر أن القادمين الجدد سيتبرعون بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية عبر مؤسسة بيل وملنيدا غيتس التي أسسها الثري العبقري بيل غيتس عام 2000م ويبلغ رأس مالها مليارات الدولارات، وفي عضويتها 92 بليونيرًا منهم وارن بافيت، وهو الأكثر ثراء وشهرة في القائمة الطويلة إضافة إلى بيل غيتس. إذ القضية أبعد من مجرد شعور بعطاء مجرد. إنه العطاء بقناعة تامة، وإنه العطاء بإحساس عميق أن ما يُقدم ليس منّة ولا فضلًا، وإنما هو واجب تجاه البلاد التي أتاحت لهؤلاء النمو كل يوم وزيادة الثروة كل ساعة. وهذا وارن بافيت (ثروته 44 مليار دولار)، وقد رصد نصف ثروته للمؤسسة، ودفع منها حتى الآن أكثر من 7 مليارات يقول مجيبًا على سائل عن الدافع وراء هذا العطاء الكبير: (أنا أؤمن بأن الثروات التي تتدفق من المجتمع يجب أن تعود في جزء كبير منها إليه ليستفيد منها..). وفي ديننا وشرعنا خير من ذلك، هو الأجر الأخروي العظيم مسبوق بوعد إلهي بالتعويض والنمو والزيادة.. بقي أن نفتخر بأن كثيرًا من أثريائنا يستاهلون كل خير لأنهم مبادرون لكل خير. [email protected]