من أكثر الوزارات خطورة وشراسة وزارة الصحة. لأنها ترتبط بأجساد الناس. أمانة الطب أخطر أمانة لأنك تعطي الطبيب أو الطبيبة آلامك ثقة بهم لينهونها. إجراء عملية أو صرف علاج وظيفة خطيرة فهي مرتبطة بحياة الناس. نحن نتحدث عن الطبيب الذي هو مستأمن على كل دواء أو نصيحة أو استشارة أو عملية، لكن ومع ذلك لا تزال مهنة الطب من أكثر المهن انتهاكاً وإثارة لشهية المتطفلين عليها والمندسّين فيها. الجميع يعلم أن وقوع أخطاء طبية محتملة أمر طبيعي، فالإنسان مجبول على الخطأ، لكن تكرر هذه الأخطاء وفداحتها لا يمكن تجاوزه، ولا السكوت عليه. ذلك أن بعض الأخطاء تتجاوز المسموح به لتقع في خانة الاستهتار بالمهنة، وعدم إيلائها حقها من العناية والاهتمام. ثمة إشكالات مرتبطة بالمرافق الصحية أحياناً، وهي تجعل الخطأ سائغاً أكثر من ذي قبل! نقلت الصحف السعودية قبل أيام أن: «دراسة علمية خلصت إلى أن 90 في المئة من مديري مستشفيات وزارة الصحة في المملكة لا يحملون مؤهلا دراسيا في تخصص الإدارة الصحية، جاءت هذه النسبة خلال الملتقى الرابع الذي نظمته الجمعية السعودية للإدارة الصحية أخيرا في كلية المعرفة في الرياض، الباحث الدكتور حمود الشمري استشاري الإدارة الصحية والمدير التنفيذي لمستشفى الدكتور عبدالرحمن المشاري، خلال عرضه لدراسته في الملتقى، قال ان هذه الدراسة أجريت على جميع مديري مستشفيات وزارة الصحة في المملكة، موضحاً أن 34 في المئة من مديري المستشفيات يحملون مؤهلا أقل من البكالوريوس، فيما يرى 89 في المئة من مديري المستشفيات أنهم قادرون على قيادة الدفة الإدارية في المستشفيات بالخبرة والممارسة وليس بالمؤهل»!! هذه هي النسبة التي بين أيدينا.. مديرون لمستشفيات بمؤهلات متواضعة، وكأن البلد فقير من الطاقات الشبابية والإدارية الفذة من المختصين في الطب أو إدارة المستشفيات الذين درسوا في الداخل والخارج، مما يضطر وزارة الصحة لتوظيف مديرين هم خارج سياق الموضوع الطبي بشكله العلمي الحقيقي، وهو أحد إشكاليات وزارة الصحة. المشكلة أن أولئك المديرين لا يقومون بمهامهم على الوجه المطلوب، ولديهم «النرجسية» العجيبة إذ رأى 89 بالمئة منهم توافرهم على قدرة كاملة لإدارة المستشفيات حتى بمؤهلاتهم التي لا تتوافق مع عظم مسؤولية مدير المستشفى المسؤول الأساسي عن إدارة دفة الأمور فيه. على وزارة الصحة فعلاً أن تناقش مثل هذه الأخطاء والثغرات فالإصلاح يكون من جذر المشكلة لا من طرفها.. فهل تستطيع؟! وهل تسمع؟!