حين نعود للنظام الأساسي للحكم ونتأمل بعض مضامينه نجد أنه يؤكد على أن الأسرة هي نواة المجتمع لدينا في المملكة، وأن أفرادها يربون على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسولة ولأولي الأمر واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد لذا فإن الاحتفاء باليوم الوطني في غرة برج الميزان من كل عام ما هو في الواقع إلا تجسيد لذلك الحب المتجذر في القلوب لثرى هذه الأرض، وأحد أوجه التعبير عن الاعتزاز بذكرى مجيدة ترسخت في وجدان كل مواطن من أبناء المملكة، تتمثل في يوم توحيد هذه البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وطيب ثراه بعد ملحمة من التضحيات على مدى اثنين وثلاثين عاماً. إن خير تعبير عن محبة هذا الوطن في مناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية والثمانين لليوم الوطني للمملكة هو في استحضار نماذج من سيرة من شاركوا في ملاحم التوحيد لهذه البلاد ممن بذلوا أرواحهم في سبيل ذلك، أو جادت أياديهم به رغم شظف العيش في تلك الأيام، والذين لقلة من نعرفه منهم وشح ما وثق عن سيرتهم نتمنى لو شملهم رصد في سجل شرف تقوم عليه دارة الملك عبدالعزيز ليستلهم الجيل الحالي من مواقفهم حافز التضحية والعطاء والبذل لهذا الوطن كل من موقعة مهما تضاءل حجمه ودائرة تأثيره، فيسهموا بالتالي على قدر أو نحو ما أرث لهم أولئك الأجداد من مجد لا مجرد أن يقفوا كما يظن البعض عند مرحلة المحافظة على المنجزات المادية والمعنوية التي تم تحقيقها بفضل تلك التضحيات، أوالاكتفاء كما يرى آخرون بالتلويح بالأعلام والرايات وارتداء الملابس الموشحة بالعبارات الإنشائية في حق الوطن. أما الاعتزاز بالوطن وتاريخه فينطلق من استذكار أن لبلادنا ميزات تبنى عليها مسئوليات تتحملها أجياله المتعاقبة، قل أن تمتاز بها بقاع أخرى من العالم، من ثم لا بد من غرس أبعاد تلك المسئولية في ذهن ووجدان الجيل القادم من أبنائنا ليستشعروا الدور المتوقع أن يؤدوه، فوطنهم هو مهد العروبة ومنبع الرسالة، ومنار إشعاعها في أرجاء المعمورة، ومهوى قلوب المسلمين، و ثراه يضم أقدس بقاع الأرض وأطهرها، وأسلافهم هم من حملوا على عاتقهم شرف نشر الدين الإسلامي لإصلاح البشرية وهدايتها وأسهموا من خلال ذلك بلغتهم وثقافتهم في حضارات العالم. لذا من حق الوطن علينا ونحن نعيش ذكرى هذا اليوم المجيد هذه الأيام أن يكون التعبير عن حبنا له بالقدر الذي يستحقه ثرى هذه الأرض الطاهر، وأن يعتز بنا الوطن بالقدر الذي لا يقل عن اعتزازنا بتاريخه المجيد.