ادعى وصخب إحسان في الصحف بأنه صاحب البصمة الأولى لكثير من الأصوات التي ظهرت فترة الثمانينيات من القرن الماضي مثل عبد المجيد عبدالله وعبدالله رشاد في السعودية، ومن خارجها رجاء بلمليح وسمية قيصر، وهناك قاطرة من الأسماء يذكرها في حواراته لكن سأكتفي بما ورد، غير أن هذه الأصوات لم توفق سوى بألحان الآخرين التي قدمت لها ما يناسب مواهبها وقدراتها وشخصياتها مثل أعمال الملحن خالد الشيخ وصالح الشهري مع عبد المجيد عبد الله، وأعمال خالد الشيخ وخالد عبد الكريم مع عبد الله رشاد، وأعمال طلال مداح وجمال سلامة مع رجاء بلمليح، وأعمال محمد عبد الوهاب ومحمد الموجي مع سمية قيصر، وهو مدعاة إنكار وشجب من إحسان دائماً أو ربما هي تظهر الصورة هكذا في الصحافة. إن اللافت في الشخصية اللحنية لسامي إحسان هو «الشخصية الثقافية السلبية»، فقد ظهر إحسان بعد أن أتم كبار الأغنية السعودية في صياغة قوالبها وأنماطها وخياراتها في الألوان والإيقاعات والأساليب اللحنية والموسيقية مثل طارق عبد الحكيم وعبد الله محمد وسمير الوادي (مطلق الذيابي) وعمر كدرس وحامد عمر، ويخرج من هنا أساتذة التراث مثل عبد الرحمن الأبلاتين ومحسن شلبي ومحمد علي سندي، ويندرج جيل إحسان مجايلاً لجيل فوزي محسون-برغم كبره عنهم- وطلال مداح وغازي علي وجميل محمود وسعد إبراهيم وسراج عمر ومحمد العماري ومحمد شفيق. هذه «الشخصية الثقافية السلبية» تضعها الظروف باختيارها في «مضيق مهني» يحرمها من التكافؤ، ويتيح لها الحافة أو نهاية الطابور، ويكشفها عملها القاصر عن استيفاء الشروط الإبداعية، ويمتحنها الزمن ب»الفوران الوقتي» ويهددها النسيان فتعالجه بالصخب والمناكفة. استطاع طلال مداح أن يوسع من تجاربه التلحينية والغنائية مابين استيعاب وتثاقف وابتكار في إنتاج مستمر لم يهدأ أبداً طيلة مسيرته (1959-1998) بداية من مصادره الحجازية المكية والطائفية والمصرية وصولاً إلى خبراته في تعاوناته المصرية واللبنانية والسودانية بالإضافة إلى أن حنجرته تفضلت على كثير من الملحنين بمنحهم فرصاً سهلت لهم الوجود الثقافي، وكشف غيابه أو عدم التعاون معه تقاعدها المبكر. وجايله في ذلك الموهبة الكبيرة التي غدرت بنفسها أو الظروف القاهرة –كما يقال- غازي علي وهو صوت رائع وملحن لا يدانى ظل من «طائفة المنبتين» التي كان رأسها سمير الوادي ( مطلق الذيابي ) فيما استقل سعد إبراهيم بنفسه مغنياً وملحناً ظل يدور في حلقة الفنانين الشعبيين في المنطقة الوسطى بينما اتجه الملحن محمد العماري إلى أغنية الطفل حيث تخصص بها مع الشاعر طاهر زمخشري. وإذا كان جميل محمود خلق شخصية غنائية ذات أسلوب واحد»ذهنية الاستكفاء» تتشارك بذلك مع فوزي محسون إلا أن «ذهنية التمايز» عند سراج عمر وذهنية الطموح عند محمد شفيق دفعت بهما نحو الدفع بمساحات جديدة لتاريخ الأغنية السعودية سواء ما قدمه عمر خصيصاً لحنجرتي طلال مداح وابتسام لطفي ومصطفى أحمد أو منجزات شفيق مع أصوات جميلة سندته مثل طلال مداح أو أسندها مثل محمد السراج وسارة قزاز وعبد المجيد عبد الله ومحمد ماجد.