مزاجان مختلفان وهما للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة العامة للإسكان، فالأولى لا تخلو الصحف كل يوم من تصريحاتها والحديث عنها، ولو أنه من قبيل اثبات الوجود، أما الثانية فقد قرأنا حين أسست أنها ستبني - هذا إذا لم تخني الذاكرة - خمس مئة ألف مسكن، ثم بعد ذلك أطبق عليها صمت القبور، وانصرف عنها المواطنون ليبحثوا عن مصادر أخرى لتمويل مساكنهم، وكان المصدر الوحيد الموجود على الساحة هو البنوك التجارية رغم أنها لا تملك ترخيصا بالتمويل العقاري، ورغم أنها تتقاضى فوائد باهظة قد ينوء بها المواطن إلا أنه يرضخ لها فلا خيار آخر أمامه، وكان لا بد للدولة أن تتدخل ولا تتركهم تحت رحمة هذه البنوك، وهي بالطبع غير موجودة، ويبدو أن هذا ما حدث إذ قرأنا في الصحف أن صياغة مشروعي نظام التمويل العقاري ونظام مراقبة شركة التمويل قد اكتملت في صورتهما النهائية، وبحسب نظام التمويل العقاري، فإنه ينص في أول فصوله على أن تختص مؤسسة النقد بتنظيم قطاع التمويل العقاري بالسماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري بتملك المساكن لأجل تمويلها، وهذا يعني أن البنوك ستقوم بالتمويل العقاري، ولكن تحت إشراف مؤسسة النقد التي ستضع لائحة لذلك ولا شك أن المؤسسة لن تسمح بإرهاق المواطنين بفوائد باهظة أو مركبة، وهذا هو المأمول، وبجانب البنوك يمكن الترخيص لشركة مساهمة أو أكثر لإعادة التمويل العقاري وفقا لاحتياجات السوق، ويجوز لصندوق الاستثمارات العامة المساهمة في ملكيتها، ويطرح للاكتتاب العام جزء من أسهمها وفق أحكام نظام السوق المالية، كذلك الترخيص لشركات التأمين التعاوني بتغطية المخاطر بالتمويل العقاري وفقا لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، وهذا كله يعني أن المواطن سيستطيع أخيرا أن يحصل على قرض لبناء مسكنه تحت حماية الدولة التي ستوفر له الأمن والأمان وتجنبه مخاطر جشع البنوك وتعسفها وعقود الإكراه التي تلزم بها المواطنين، وإذا تحقق كل ذلك، فإننا في سبيلنا إلى حل أزمة الإسكان.