ارتفعت وتيرة الاحتجاجات التي بدأها ناشطون فلسطينيون منذ أيام ضد موجة غلاء الأسعار التي طالت الوقود والموارد الغذائية وزاد من حدتها رفع الضرائب، فيما يواصل المحتل الإسرائيلي نهب الأرض الفلسطينية وتشريد أصحابها الشرعيين لصالح غلاة المستوطنين اليهود في معظم أنحاء الضفة. فقد تواصلت أمس التظاهرات والاحتجاجات في الضفة الغربيةالمحتلة مستهدفة سياسات حكومة سلام فياض. ونفذ سائقو المركبات العمومية بكافة أنحاء الضفة صباح الخميس اعتصاماً لمدة ساعتين، احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات والوقود، وذلك استجابة لدعوة نقابات أصحاب شركات الباصات والسيارات. وتسبب الاعتصام الذي استمر حتى التاسعة والنصف صباحاً، في شل حركة المركبات بالشوارع الرئيسة، وحال دون وصول المواطنين إلى الاماكن التي يقصدونها بالأوقات المحددة. وشهدت بيت لحم تظاهرة للسائقين والمواطنين وسط هتافات تندد بسياسة الحكومة على رفع أسعار بعض المواد وهو ما يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن. وقال رئيس نقابة عمال النقل في بيت لحم أحمد جابر ان "هذه التظاهرة تأتي منا كقطاع نقل، للاحتجاج على سياسة الحكومة المتواصلة في رفع المحروقات وهو ما ألقى بظلاله السلبية على السائقين وكذلك المواطنين.. وعليه نحن نريد من ذلك كرامتنا". كما شهدت الخليل عدة تظاهرات، تخلّلها احتكاكات مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. وقالت وسائل إعلام محلية إن شباناً فلسطينيين أشعلوا إطارات سيارات، ورشقوا سيارات للشرطة بالحجارة. وأقدم شابان وضعا على وجهيهما قناع "فانديتا"، على حرق مجسم رمزي لفياض، ألصقت عليه شعارات "اتفاقية باريس"، "البطالة"، "القروض"، في خطوة رمزية للاحتجاج على السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة الفلسطينية. وانتشر أفراد من الشرطة في المكان لكنهم لم يتدخلوا لفضها. واللافت، أن وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" تغطي أخبار الفعاليات الإحتجاجية ضد الغلاء وتنقل انتقادات المواطنين الفلسطينيين ضد سياسات حكومة فياض. ويشار هنا إلى أن بعض قيادات حركة "فتح"، دأب على مهاجمة فياض واتهامه بالفساد والمطالبة بتغييره، وهو الأمر الذي لم يقبل به حتى الآن رئيس السلطة محمود عباس. وكان عباس قال في كلمته في اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب مساء أول من أمس في القاهرة، إن "الربيع الفلسطيني بدأ ونحن مع ما يقوله ويريده الشعب". وأضاف "بدأ لدينا حراك شعبي تمثل في تظاهرات سلمية تطالب بأمرين اثنين وكلاهما حق، تخفيض الأسعار، واستلام الرواتب كاملة، وإن أي شعب يستطيع أن يطالب ويتظاهر ويعلن عن موقفه لأن الجوع كافر ومن حق الناس المطالبة بلقمة العيش"، متناسياً الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الإجرامية ضد الفلسطينيين أرضاً وشعباً. وردّد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط حكومة فياض، ووقف ارتفاع الأسعار والغلاء وفرض الضرائب، كما رفعوا لافتات مماثلة من بينها "لا لحكومة الذل والتجويع" و"يا فياض لسنا دجاج بياض.. ولن نحرق أنفسنا". وكان المواطن الفلسطيني خالد أبو ربيع (37 عاماً) من سكان مخيم الفوار في الخليل، حاول أول من أمس إحراق نفسه أمام بلدية دورا جنوب الخليل، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الشرطة تمكنت من اعتقاله قبل أن ينفذ المحاولة. وذكرت وسائل إعلام محلية، أن الفلسطيني حسن قهوجي من سكان قطاع غزة حاول حرق نفسه وابنته المريضة بالسرطان، وسط رام الله احتجاجاً على سوء الوضع الإقتصادي له ولعائلته، وعدم قدرته على توفير العلاج لابنته البالغة من العمر 6 سنوات. وقال شهود إن قهوجي سكب البنزين على جسده وجسد طفلته، بيد أن تدخل عدد من المشاركين في تظاهرة ضد الغلاء على دوار المنارة وسط رام الله، حالوا دون تمكينه من تنفيذ عملية الحرق. ولقي شاب من غزة حتفه، الأحد الماضي بعد يوم من إصابته بحروق شديدة إثر إشعال النار في نفسه داخل مجمع الشفاء الطبي احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية. وتعاني الأراضي الفلسطينية من ارتفاع معدلات البطالة، واتساع رقعة الفقر، مع ارتفاع في الأسعار. وكانت مدن الضفة الغربية، شهدت الثلاثاء الماضي، عدة تظاهرات احتجاجية ضد الغلاء وارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية لحكومة سلام فياض التي شكّلت لجنة لبحث الأمر. وأغلق شبان فلسطينيون بعد ظهر الأربعاء شارع الإرسال المؤدي إلى مقر رئاسة السلطة في مدينة رام الله بواسطة سيارة وسط تنامي الحراك الشبابي المحتج على الارتفاع المطرد للأسعار، ورفعوا لافتات كتب عليها "لا للجوع لا لحكومة الذل والتجويع"، و"إلى متى سنستمر في دفع ثمن عهركم". وكانت أسعار عدة سلع أساسية ضمنها البنزين شهدت ارتفاعاً خلال الأيام الماضية، بالتوازي مع رفع قيمة ضريبة الدخل من قبل حكومة تسيير الأعمال برئاسة فياض. وفي تعقيبه على المطالب برحيله، قال فياض أمس في حديث مع اذاعة فلسطينية محلية "لا احتاج الى نصائح في الرحيل او عدمه وانا اقوم بمهمة وليست وظيفة". واشار الى انه "حينما اصل الى وضع اقتنع فيه بأني غير قادر على التعامل معه لاسباب موضوعية وليس بسبب الشكاوى القائمة، وانما لاسباب تتعلق بكل النظام، فانا اريد ان اطمئن الذين يرغبون برحيلي بأني لن اكون عقبة اطلاقا، ولن ابقى يوما واحدا". واكد فياض انه ليس لدى حكومته القدرة على "اجراءات لحل أزمة الوضع القائم بشكل حاسم وليس لدى السلطة عصا سحرية بل هناك اجراءات للتحسين من الاوضاع".