اعتبر رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض أن الاحتجاجات الجارية في الأراضي الفلسطينية على ارتفاع الأسعار مشروعة، مطالباً الدول العربية بتقديم العون المالي للفلسطينيين في ظل تراجع الدعم الدولي. وقال في لقاء مع الصحافيين والكتاب في مكتبه في رام الله أمس إن أكثر من 200 ألف فلسطيني عاطل من العمل، وأن حكومته أحالت مشكلة الأسعار على لجنة وزارية اقتصادية مختصة لدرسها. وتشهد الضفة الغربية منذ أيام احتجاجات شعبية على ارتفاع أسعار الوقود والموارد الغذائية، وزيادة الضرائب. وأضرب موظفو المواصلات العامة أمس، فيما أغلق شبان الطرق المؤدية إلى وسط مدينة رام الله، كما وقعت احتجاجات مماثلة في مدن أخرى رفع خلالها المحتجون شعارات طالبت فياض ب «الرحيل». وشنت مجموعات شبابية فلسطينية حملة عبر الإنترنت ضد حكومة فياض بسبب موجة الغلاء، وأطلقت دعوات إلى التظاهر في الشوارع احتجاجاً على ارتفاع الأسعار. ويرى خبراء الاقتصاد أن قدرة السلطة على التدخل في الأسعار ضعيفة بسبب ارتباط الاقتصاد الفلسطيني الضعيف بالاقتصاد الإسرائيلي القوي، لذلك طالبوا السلطة بإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي مع إسرائيل الذي يضع الأراضي الفلسطينية في غلاف جمركي واحد مع إسرائيل، ما يجعل أسعار السلع في المنطقتين متقاربة على رغم التفاوت الكبير في الأجور. وقال فياض: «المواطن الفلسطيني يعيش وضعاً معيشياً صعباً ازداد صعوبة نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار عدد من المواد الأساسية، وانعكس ذلك في شكل ملحوظ في أسعار الكثير من السلع، ما زاد من معاناة المواطنين، إذ أن أكثر من 200 ألف فلسطيني بلا عمل، فيما شبكة الأمان الاجتماعي التي تقدمها الحكومة محدودة على رغم الارتفاع المضطرد في عدد الأسر المستفيدة منها، والذي وصل إلى 100 ألف أسرة تستفيد شهرياً من هذه الشبكة». وأضاف: «سأكون صريحاً في الحديث عن هذه الحالة وتشخيصها، وهذا الازدياد في صعوبة الأوضاع المعيشة، فعلى رغم الإمكانات المحدودة، خصوصاً في ظل الأزمة المالية التي نعيشها، فإننا نعمل على مواجهة الآثار السلبية لارتفاع الأسعار، وفي هذا المجال، ناقش مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بعمق هذه الآثار وأحال هذا الملف على اللجنة الوزارية الاقتصادية لدرس إمكان توسيع شبكة الأمان الاجتماعي وزيادة عدد المستفيدين». واعترف صراحة أن السلطة في بحاجة إلى تمويل إضافي، وهو ما قال إنه قيد الدراسة، موضحاً: «نعاني من أزمة مالية طال أمدها نتيجة عدم ورود ما يكفي من مساعدات خارجية، وبما لا ينسجم مع الوضع المالي للسلطة». وأضاف: «لم تردنا مساعدات كافية خلال الأعوام الماضية، الأمر الذي وصل بنا إلى هذه الحال، ونحن نعمل بجهود ذاتية لزيادة الإيرادات وتحسين الأداء الضريبي وخفض النفقات، ولدي مطلق الثقة بأننا سنكون قادرين على الوفاء باحتياجاتنا من مواردنا، لكن بعد أن يزول الاحتلال الذي يحد من النمو الاقتصادي في فلسطين بفعل نظام التحكم والسيطرة التعسفي، سواء على المعابر أو غيرها من الإجراءات، بالإضافة إلى الحصار المفروض على شعبنا في قطاع غزة». وألمح إلى محدودية قدرة السلطة على تغيير الأسعار، قائلاً: «لا أريد رفع سقف التوقعات، سواء بالعمل على تصدير الأزمة والقول لسنا الجهة المختصة وليست مسؤوليتنا، أو بقطع وعود مستحيلة وغير قادرين على تنفيذها. المهم بالنسبة إلينا هو وضع المواطن بالصورة الحقيقية للوضع». وأضاف: «ندرك أننا لن نصل إلى وضع اقتصادي مستقر ومتطور في ظل الاحتلال، وهذا القول ليس من باب تصدير القضية. فنحن بحاجة إلى إنهاء الاحتلال». وقال فياض: «إن مشكلة ارتفاع الأسعار باتت مشكلة عالمية يعاني منها حتى أكثر الدول تقدماً، وهذه الدول تواجه صعوبات جمة في التغلب عليها وحشد الموارد اللازمة للحد منها، وهي بكل حال تملك إمكانات كبيرة بدرجة لا تقارن بما هو متوافر لدينا من إمكانات محدودة للغاية». وأضاف أن السلطة تعيش أزمة المالية منذ أواسط عام 2010، وأن هذه الأزمة اشتدت في الأشهر الأخيرة. ودعا الدول المانحة إلى مساعدة السلطة من خلال تمكينها من العمل والقيام بواجباتها التطويرية في المناطق كافة، خصوصا المصنفة (ج) والتي كان من المفترض أن تنتهي بموجب اتفاق أوسلو نفسه أواسط عام 1997، مشيراً إلى أن أحد جوانب الأزمة الاقتصادية ناجم عن عدم قدرة الفلسطينيين على الاستثمار في المناطق الريفية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والتي تشكل 60 في المئة من الضفة، وعدم سيطرتهم على معابرهم.