عبدالعزيز بن أحمد الرفاعي أديب عربي سعودي من مواليد ثغر أملج الواقع شمالاً بالبحر الأحمر في أواسط القرن الرابع عشر الهجري. نشأ هناك ثم توجه إلى أم القرى (مكةالمكرمة) لينهل من معين العلوم والمعرفة في بعض حلقات الحرم المكي والفلاح ومن ثم في المعهد العلمي السعودي. والرفاعي محب للشعر وهاوٍ للأدب، ومغرم بالتاريخ، وشغوف بأعلام الرجال قديماً وحديثاً. فهو ذو ثقافة متوفرة وذو فنون من المعرفة، وصاحب قول من الشعر والنثر والبيان والبلاغة. لا يتكلف القول ولا يتجشم الكلم وإنما يقوله عفو الخاطر، وفي حينه وإن شئت فقل على البديهة؛ بلا سجع مثقل، أو تكلف باد. نشأ شاباً على ذلك في اطلاعه على الأدب والشعر والتاريخ والسير، والثقافة الدينية والمعرفة الاجتماعية. فغدا أديباً ناجحاً ومثقفاً فالحاً وشاعراً مفلقاً، وناثراً فنياً. له كتابات جمة، وبحوث غفيرة، ودراسات في الأدب مكثفة ذات بداعة وجدّة وحيوية وإبداع وحداثة في المضمون والمعنى لا في المذهب المتعارف عليه. وما نشره وطبعه على شاكلة كتب وكتيبات ما هو إلا قليل من كثير وغرفة من معين الكتابة وشقف من نحت الفن. إن عبدالعزيز الرفاعي من أعلام الأدب السعودي ومثقفيه الذين ساروا تحت رايته ولوائه شاقين دروب العلم والمعرفة، والأدب والثقافة، فاستطاعوا رفع كيان أدبي وراية ثقافية ومعين معرفي. لينخرط في سلكه الجيل تلو الآخر من الكتّاب والأدباء؛ والشعراء والمثقفين. إن الريادة في هذه المجالات المعنوية والقيمية والفكرية والمعرفية، استطاعت استخراج المواهب والأفكار، وذوي المعاني والموهبة كي يدلوا بها تعبيراً وتفكيراً وتحريراً فإذا ما تم ذلك يعني أن رعيلاً خلف رعيل من الأدباء والشعراء يشكلون المراحل التاريخية في دنيا الأدب؛ وأعلامه وفي حياة الشعر ورجاله. وهذا ما صنعه جيل الرفاعي ورعيله من الرواد الأدباء؛ هؤلاء الرواد العارفون بالأدب والدارون بالمعرفة والمتتبعون للثقافة والمؤلفون والمنشئون لفنون الكتابة والبحث والدرس والقول والتعبير. كانوا لتابعيهم مخلصين، ولتلاميذهم أمناء ولهؤلاء وأولئك اسوة وقدوة متبوعون في عالم الأدب والثقافة والفكر والنثر والشعر، والصور المعرفية والذهنية التي تلمع بهاءً وجمالاً في النفس وتتلألأ في الرؤى والحلم والأذهان والأفكار. كان نتاجهم الأدبي والذهني لبنات في عوالم الجد والإرادة والتصميم والإفادة فاستطاع أمثال عبدالعزيز الرفاعي أن يرفعوا الراية الثقافية في كياننا الكبير وأوطاننا المجيدة بالكتاب المؤلف، والصحيفة والمجلة المنشورتين ودور الكتب والنشر وتكوين الثقافة كندوات ومحاضرات تلقى في المحافل الثقافية والدينية والأدبية والرياضية أو على شكل عمود صحفي في جريدة محلية أو خارجية ضمن مقال أو فكرة أو قصيدة شعرية أو على شكل قصة قصيرة كما فعل حسين عرب وعبدالله عبدالجبار ومحمد سعيد العامودي وعبدالقدوس الأنصاري وعبدالله بلخير وسواهم. هؤلاء الذين نبغ الواحد منهم مبكراً فاستطاعوا مواكبة كبار أدباء مصر والشام والمغرب والعراق في إطار واحد. ولقد شارك عبدالعزيز الرفاعي هؤلاء، مشاركة فاعلة زمنياً ومكانياً، موضوعياً، وأفكاراً، وثقافياً وصحافياً. فكتب هؤلاء في «الرسالة» و«الثقافة» و«الكاتب المصري» ومسؤولو تحرير هذه المجلات الأدبية على التوالي: * الرسالة: أحمد حسن الزيات. * الثقافة: أحمد أمين. * الكاتب المصري: طه حسين. ولقد توالى صدور هذه المجلات الأدبية والثقافية والفكرية عقوداً من الزمن وردحاً من السنين في نشر الدراسات والمقالات والقصائد الشعرية والكتابات الأدبية والثقافية والفلسفية خاصة وأن الظروف مؤاتية لوجود أعلام على الساحة معروفين ومشهورين عرباً وغربيين وشرقيين. الشيء الذي ظهر على تلك المجلات تراثاً إنسانياً خالداً، وإنتاجاً أدبياً وفكرياً فاعلاً، وقصصاً فنياً رائعاً!! تلك المجلات التي توقفت وانتهى صدورها برحيل رؤساء تحريرها، فكانت أثراً بعد عين. وإذا كان ثمة فارق زمني بين الرفاعي وسواه من الرواد المشهورين كالعواد والعامودي، فإن ثمة ريادة معنوية وموضوعية في الفكرة والطرح والانتاج الأدبي يتساوى في هذا مع أولئك الذين سبقوه زمنياً ببضعة سنين ليس إلا. وللمرء أن يقف على كتبه ومصنفاته ليرى حقيقة ما قلنا حول ريادة عبدالعزيز الرفاعي الأدبية. وحمله الراية الثقافية عقوداً من الزمن وسنين طويلة من عمره. وليس هذا الشأن مما يتوجس منه المرء بالقدر الذي يشهد بما علمنا في العلم والعمل وفي الأدب والدين وفي الفكر والمعتقد وكذلك في المعاملة الحسنة ونبل أخلاقه فيها. وهي الصفات والقيم الحميدة التي تحلى بها روادنا الأدباء. وما الرفاعي - رحمه الله - إلا منهم. ويحلو للمرء - هنا - أن يتعرف على عناوين من أعمال الرفاعي الأدبية والثقافية أمثال: - توثيق الارتباط بالتراث العربي. - جبل طارق. - خمسة أيام في ماليزيا. - كعب بن مالك.. الصحابي الأدبي. - ضرار بن الأزور.. الشاعر الصحابي. ولعل هذه الأسماء تنم عن اهتمامات الرفاعي المعرفية والأدبية والفكرية والاجتماعية أضف إلى ذلك شغفه بالإعلام. هذه الاصدارات الكتبية نشرت ضمن مشروعه الثقافي «المكتبة الصغيرة» وهو مشروع أدبي لقي نجاحاً كاسحاً منذ أول إصدار منه في سنة 1389ه ويرمي صاحبه الرفاعي إلى هدف عام هو نشر العلم والمعرفة من خلال كتيب صغير شهري الصدور، يحمل معلومات وأفكاراً ثقافية بأسلوب أدبي رشيق. يفهم محتواه طالب العلم من كل مستوى أو مرحلة. وبأقلام مؤلفين وكتبة من الوطن الإسلامي الكبير. وميزة الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي - في هذا المشروع - عزوفه عن الماديات والشهرة والأسماء؛ الأمر الموفق في مثل هذا المشروع الثقافي العام، والهدف السامي من خلفيته البعيدة المميزة؛ لدواء الأذهان والعقول وتجلية الأفكار والمعاني علمياً وعملياً أدبياً ودينياً وحياتياً ودنيوياً. والمعتاد في مثل هذه الفكرة، نجاح صاحبها بامتياز في مشروع كهذا ويظل ديدنه النجاح والفلاح ما استمر فيه؛ ولا ينبؤك مثل خبير. إن الرفاعي رجل يتطلع إلى النجاح في أعماله الأدبية والمعنوية بحيث ركز فيها على الأسباب المؤدية، والأهداف الرامية حتى لقي ما سعى ونال المراد وناهيك عن الكتب والمصنفات والمؤلفات التي نشرها عن دار الرفاعي المعدودة بعشرات ومئين من الكتابات والدراسات. ولله في خلقه شؤون.