أسهمت مكابرة البلجيكي برودوم، وعناده الغريب بتهاوي حامل لقب دوري "زين" في الجولة الخامسة أمام الفتح برباعية قاسية على أرضه وبين جماهيره وهو السقوط الذي كلفه التراجع للمرتبة الثالثة متنازلاً عن الصدارة التي كانت في متناوله منذ انطلاق الدوري. لم تكن المشكلة في خسارة الشباب فالخسارة واردة في كرة القدم كما هو الفوز، والتعادل، ولن تجد فريقاً في الدنيا بأسرها مهما بلغت قوته، وعنفوانه يواصل الانتصارات دون أن يتذوق للخسارة طعماً وهو ما حدث للشباب في مواجهته القوية مع الفتح، وكل المشكلة كانت تكمن في التخبط الغريب الذي كان عليه المدير الفني للشباب ميشيل برودوم بإصراره على اللعب بطريقة مفتوحة محفوفة بالمخاطر لاعتبارات عدة أهمها غياب المحور التقليدي الثابت الذي يغطي منطقة الدفاع، ويدافع عنها باستماته وانكشف هذا الخلل بغياب النجم الكبير عمر الغامدي الذي كان يؤدي هذا الدور الفاعل بحماسة، واقتدار خلال الموسم الفائت حتى بات الفريق أكثر ثباتاً، وتنظيماً في الخطوط الخلفية، وسجل نهاية الموسم الأفضلية من بين الفرق بأقلها ولوجاً للأهداف في مرماه، وهو مؤشر لم يعتده الشباب منذ زمن. الرسالة كانت مكشوفة ومقروءة لجماهير الشباب والتي استوعبتها منذ الجولة الأولى أمام نجران حيث تركز حديث تلك الجماهير على قوة الشباب في المنتصف، والمقدمة، وانكشافه دفاعياً وهو ما مكن نجران في الجولة الأولى من الوصول لمرمى الشباب بسهولة إلا أن رعونة مهاجميهم، وتفوق وليد عبدالله في بعض الأحيان أبطل تلك المحاولات. الرسالة لم تصل لميشيل برودوم فسار على ذات المنهجية في لقاءاته بالفيصلي، والأهلي ثم الوحدة الأسبوع الماضي وكانت المحصلة أهدافاً بالجملة، وفرصاً بالكوم ولكن النتائج، والانتصارات سترت العيب، وأخفت بعض الأخطاء الفادحة التي نام عليها البلجيكي بشكل غريب. قوة الفتح، وامتلالكه لعناصر فاعلة، ومؤثرة قادرة على التهديف، واستغلال الهجمات المضادة باقتدار كشفت كل الخفايا ونسفت جهود عمل طويل، وشاق، ودقت جرس الإنذار المبكر والذي كان من حسن الطالع مبكراً بالفعل وقد يعيد بعض الحسابات، ويغير الكثير من القناعات. الشباب بما يمتلكه من عناصر كبيرة، وخبيرة قادر على المحافظة على لقب الدوري، وكل ما يحتاجه أن يكون مديره الفني متقبلاً للرأي المطالب له منذ فترة بعمل تنظيم دفاعي جيد يبدأ من إغلاق المنافذ الموصلة لمنطقة الجزاء الشبابية بعناصر فاعلة في الأدوار الدفاعية أكثر منها في الأدوار الهجومية كالغامدي الذي بات المطلب الأول من قبل الجميع فضلاً عن الإيعاز لفرناندو بالميل للشق الدفاعي بشكل أكبر وهو القادر على القيام بهذا الدور خصوصاً أنه شارك في عدد من المناسبات السابقة في متوسط الدفاع إلى جوار ابن جلدته تفاريس مع التأكيد عليه بضرورة نقل الكرات الطويلة على الأطراف وهي الكرات التي يجيد إرسالها اللاعب بمهارة فائقة مع إعطاء الحرية لأحمد عطيف على الطرف الأيمن، وكماتشو على الطرف الأيسر بالتفرغ لصناعة اللعب للمهاجمين الشمراني، وتيجالي، كما يبقى التأكيد على ظهيري الجنب معاذ، وشهيل بعدم المبالغة في التقدم حتى لا تنكشف الأطراف بشكل ملحوظ يسمح بتسلل المهاجمين من خلالهما وعرض الكرات بسهولة أمام المرمى كما حدث في لقاء الفتح. لن يكون معيباً أو مزعجاً أن يتم استبدال وليد عبدالله في ظل ما يشهده مستواه من تراجع بالشاب المتمكن، والبارز حسين شيعان، وهو الذي ينتظر الفرصة منذ زمن ويمتلك كل مقومات النجاح من البنية الجسمانية الرائعة، والإمكانات المهارية الكبيرة التي تؤهله لتحقيق نجاح باهر كما حققه مع الاتفاق عند انتقاله إليه معاراً قبل عدة مواسم. ومثل هذا التبديل الجريء قام به العديد من المدربين الآخرين باعتمادهم على اللاعب الجاهز بدنيا، وفنياً، ونفسياً لخدمة الفريق بعيداً عن اسم اللاعب، ومكانته كما كان عليه مدرب الهلال كومباريه الذي أبقى إلى جواره بدكة البدلاء النجوم الدوليين ياسر القحطاني، وأحمد الفريدي، والشلهوب، وسالم الدوسري ونجح في تحقيق مبتغاه بالعناصر الأكثر فاعلية مؤمناً بقاعدة البقاء للأفضل وهو ما يمارسه الناجحون في عملهم دون النظر للمطالبات الإعلامية أو الجماهيرية. من حسن حظ الشباب، ومن حسن حظ السيد ميشيل برودوم أن الخسارة المؤلمة التي حلت بالفريق جاءت في بداية الدوري، وقبل فترة التوقف حتى يستطيع المدرب معالجة الكثير من الأخطاء، وتصحيحها سعياً للظهور بشكل أكثر اتزاناً وجمالاً بعد العودة حتى تعود هيبة الفريق الكبير الباحث عن اللقب.