تأملت كيف نتفاعل مع الانترنت.. مع وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً، فرأيت نسبة كبيرة من هذا التفاعل، تعج بالسباب، وتنضح بالشتائم، مع شديد الأسف! لا أتحدث عن الجميع، وربما كان أصحاب هذا المنهج، ليسوا هم الغالبية، لكنهم أصحاب الصوت العالي، لكن أحداً لا يمكنه أن يتجاهل صنيعهم، ولو حاول تهذيب الأمر، وتحسين صورته! ما الذي يجعل امرأً يلجأ إلى الشتائم، عندما يختلف مع غيره، خلافاً سائغاً؟! دعك من الخلاف السائغ، وتساءل بمرارة معي: هل يمكن أن يكون الخلاف غير السائغ ذريعة للولوغ في وحل السباب والشتائم؟! أجزم، أن لا! إنك ترى، هذا المسلك، لا يقتصر على من يمكن اعتبارهم لم يتعرضوا لقدر كاف من التربية، ولم يشربوا الحد الأدنى من الآداب العامة، فأنت ترى، مع شديد الأسف، وسيلازمنا الأسف في موضوعنا هذا، من يظهر لك من توجهه، أنه يدافع عن قضية دينية، أو ينطلق من منطلقات إسلامية، أو يدافع عن أفكار تبدو دينية، ولا يتورع عن السباب، عند ظهور بوادر الخلاف، وأحياناً، مع الآخر، لمجرد كونه آخر، حتى قبل أن ينشأ خلاف، أو ربما قبل أن يجري حديث أصلاً! هل باتت ألفاظ الشتائم، جزءًا رئيسياً في قاموس ألفاظنا، فأصبحنا نعجز عن غيرها؟! أم أن الخوض في المعارك هو جزء من بناء ذهنيتنا وتكوين عقولنا؟! ربما كان ذلك صحيحاً، فأنت ترى، مع الأسف أيضاً، من يستخدم السباب مع أبنائه، والشتائم في بيته، وردد بعدها بألم وحرقة: إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص! على أن هذا الرقص سيكون على أنغام النشاز بطبيعة الحال! لست أطالب أن يكون (تويتر) أو (فيس بوك)، ونحوهما، قلعة للآداب العامة، ولا أريد لمن يدخل فضاء الانترنت أن يكون أستاذاً في الأدب، ولا أن يكسو سطوره بأصول التعامل والاتيكيت، على أن هذا ليس عيباً بل ميزة، وأقدر أن يخرج الانسان في هذه الوسائل من التقليدية، لكن هذا لا يعني أن ينضح بالسباب، وخصوصاً اذا زعم انه يدافع عن الحق، ويذود عن الحق، ومن الذي لا يعتقد نفسه كذلك؟! هل يتوقع الشاتم أنه عندما يرفع عقيرته بالسباب، يصبح أقوى شأناً وأعلى مكانة، وأكبر حجماً، فيمتلئ بالإحساس بالانتصار، وانتشاؤه بالفخر؟! أصدقكم أني لست أدري، لكنه أمر محزن حقاً. وأرجو ألا أكون متشائماً!