في عالم الكرة جماهير غير (مؤدبة)، يفيض قاموسها بألفاظ فاحشة مخجلة لا تليقُ بإنسانٍ سويٍّ، يتمتّع بالحدّ الأدنى من الذوق والأدب، واحترام الآخر. وقبل أيام قليلة قال رئيس لجنة حكام كرة القدم، إن الحكم الدولي السعودي المكلّف بتحكيم مباراتي الأهلي والشباب قد رفع تقريرًا تضمن الألفاظ النابية جدًّا، الصادرة من جماهير تلك المباراة. كلام عيب، ولا يليق، ولا يجوز، لكن هذه هي حال جماهيرنا، أو بعض جماهيرنا حتى نكون منصفين. لكن هذا البعض إنّما هو عيّنة من الكل للأسف الشديد. وهو بعض لم يهبط علينا من المريخ أو عطارد، إنما هو جزء من نسيجنا الاجتماعي، ويمثل شريحة من التدهور الفكري، والضعف الأخلاقي الذي نال منا بالرغم من كل الجرعات، والمنشطات الوعظية والفقهية التي يتعرّض إليها هذا (الشاتم) عبر سني حياته التي لا تقل في المعدل عن 25 عامًا. هذه لوحدها كارثة! لكن ما يفوق الكارثة هو السباب، والشتم الذي يصدر عمّن يظن أنه يدافع عن داعية. هو أولاً يظن أنه يذب عن حياض الدِّين بدفاعه الأخرق عن شيخه، فيرفعه أولاً إلى مصاف المعصومين الذين لا يخطئون أصلاً، ولا يليق الاختلاف معهم أبدًا. وحتى لو تجاوزنا هذه النقطة المفصلية، فإن اللغة التي تفيض بها ألسنة هؤلاء أحيانًا تتعارض تمامًا مع الموعظة الحسنة، والرفق المطلوب، والمنطق المقبول. وبلغ من هيجان بعضهم أن اتّهمني بأني أصغر من أن أتحدث في شأن أحد مشايخه، مع أنني كنتُ أثني على شيخه هذا، لكنه الحماس المفرط، والاندفاع الأهوج، والتصوّر (الغلط). وأمّا أم الكوارث فهي عدم اعتراض هذا الشيخ، أو ذلك الداعية على هذا الأسلوب الذي ينتهجه محبوه، أو تابعوه.. إمّا جهلاً، وإمّا عمدًا على مبدأ: (لم آمر به، ولم يسؤني)، مع أن فيه من الإساءة إليه كثيرًا، فذاك لم يكن يومًا نهج النبوة، ولا مسلك الصالحين المتواضعين. البراءة من هذه الشتائم حتى على مستوى الأندية الرياضية، فضلاً عن الشخصيات الدينية ضروري جدًّا؛ للحدِّ من هذه التجاوزات المقبوحة، حتى يأتي يوم، وقد أصبحت فعلاً نكرةً ونشازًا.