ستون يوما قضيتُ أكثرها في القرية، وطفتُ خلالها مناطق جنوب محافظة الطائف، وأفرحني كثيرا تزايد عدد المهتمين بالثقافة، لكنهم مع الأسف لا يجدون متنفسا لهم، هم يحلمون بمركزٍ ثقافيٍّ يضمهم كما نحن في المدينة، بل يزيد عددهم والله عن بعض حضور أمسيات النوادي الأدبية بكثير، استضافني أحدهم في منزله، وفوجئتُ بفنانين تشكيليين، ومصورين ، وأدباء ومن يهتم بالفن، كلهم يحلمون بمكان يضمهم في القرى. كانت تجربة الإشراف عليهم من النوادي الأدبية تجربة مخزية ومحزنة بحق؛ فالأندية الأدبية تتصدّق عليهم بزيارة كل سنة وتقيم أمسية أو فعالية لا تخلو من الحزن والغبن من قِبل هؤلاء حيث تمنًّ الأندية الأدبية عليهم حتى بوجبة العشاء الدّسمة التي يحضرونها معهم وكأن أهل الريف ليسوا بكرماء ! لماذا لا نعمل على إنشاء مراكز ثقافية يتم من خلالها ضم هؤلاء وإقامة مناشط ثقافية لهم، ومعارض أدبية، بل وحتى تكون هذه المراكز الثقافية مقرا للفنون الشعبية، وقبلة لسكان الأرياف في الأعياد والمناسبات! أليست القرى هي التي أخرجت عباقرة أدبائنا ومثقفينا، وفنانينا قبل أن تختطفهم المدن! إنّ العشرة ملايين ريال ستحق القُرى والأرياف والهجر منها ما يرتقي بمكانة الريف الثقافة الريف التي شكّلتني وشكّلت جُل أدبائنا، فهل نجد خارطة طريق تنتشل ثقافة القرى لتواكب التطور الذي تشهده بلادنا.. وهي آمال نرجو أن تتحقق.