الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    نهاية مشوار صالح الشهري في "خليجي 26"    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بالكويت يزور مركز العمليات الأمنية في الرياض    النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ووزير الداخلية بدولة الكويت يزور الهيئة الوطنية للأمن السيبراني    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على حي الشجاعية وخان يونس    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    فعاليات يوم اللغة العربية في إثراء تجذب 20 ألف زائر    لا تكتسب بالزواج.. تعديلات جديدة في قانون الجنسية الكويتية    الدفعة الثانية من ضيوف برنامج خادم الحرمين يغادرون لمكة لأداء مناسك العمرة    الشرقية تستضيف النسخة الثالثة من ملتقى هيئات تطوير المناطق    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    تجربة مسرحية فريدة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قرية المفتاحة» تسترجع «حضارة عسير» أمام جيل التحولات
تتكىء على «مخزون ثقافي» شاهد على تنمية الإنسان وانفتاحه على الآخر
نشر في الرياض يوم 26 - 06 - 2009

كان لها خصوصية تاريخية تعود إلى مئات السنين، وصورة جميلة لا تزال ماثلة في مخيلة الجيل الأول الذين أدركوها من أهالي مدينة أبها . كانت تجسدها حقول القمح والذرة والبساتين الغنية بأشجار الفواكه كالعنب والخوخ والمشمش والتوت والتين . وتلونها غمدان ومراعي ذلك الوادي الجميل الذي كان يضمها بحنانه.وسط أهازيج مياهه الرقراقة التي تنساب من بينها . إنها (قرية المفتاحة ) التي كانت تتوسط مدينة أبها قديما قبل مايقارب 260 عاما بمجموعة من المنازل المتلاصقة على امتداد الممرات الداخلية والخارجية تم بناؤها آنذاك بالأساليب التقليدية للبناء في منطقة عسير حيث الفتحات الصغيرة والحوائط السميكة باستخدام (الرقف) لحماية حوائطها الطينية من الأمطار وتوفير الظلال أيضا على واجهة مبانيها. هذه القرية لها قصة تحول لايعرفها إلا من عايش فترة انتقالها فالجيل الحالي يغيب عنه ما كانت عليه قديماً وكيف تحولت الى منشأة فريدة من نوعها تقع الآن وسط مدينة أبها تضم بين جنباتها قرية المفتاحة التشكيلية ومسرح المفتاحة وسوق الثلاثاء الشعبي وأيضاً مركز الملك فهد الثقافي الذي يعتبر أول مشروع من نوعه في المملكة خصوصا فما يتعلق بالقرية التشكيلية التي تعنى بالفنون التشكيلية والفوتوغرافية والصناعات التقليدية المحلية التي تستقطب محبي الفنون لممارسة أعمالهم الفنية في بيئة مناسبة تلائم تطلعاتهم.
قصة التحول
مرت فترة من الزمن وبدأت المدنية تبرز وتنتعش في كافة جوانبها ومنها النهضة العمرانية التي أجبرت الأهالي على تركها فهُجرت منازلها وأهملت مزارعها وتداعت مبانيها وزحفت عليها المدينة من كل جانب وقد ذكر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز في كتابه (مسافة التنمية وشاهد عيان) بقوله «حين زرت المفتاحة لأول مرة وجدت بقايا مساكن قديمة حولها بعض المزارع، ولم يكن بها إلا رجل واحد مسن يمشي على عصا»،...هكذا كانت المفتاحة بعد أن هجرها الأهالي . وفي حديث عن المفتاحة سابقا ذكر لنا : الكاتب والأديب/ محمد بن عبدالله الحميّد رئيس نادي أبها الأدبي سابقا قائلا: اختطها الأمير (علي بن مجثل) بأوائل القرن الثاني عشر الهجري على ضفاف وادي أبها بالجزء الغربي من مدينة أبها وبنى بها قصره الذي لازالت أنقاضه الى الآن . وسكن بها مجموعة من مواليه وغيرهم من الأهالي وكانت زراعية بالدرجة الأولى تسقى من أبارها المترعة بالمياه وبالكظائم . وهي عبارة عن سواقي تمتد الى غدران الوادي (جمع غدير) ينال كل حقل أو بستان نصيبه حسب قوانين وأعراف متفق عليها مما جعل المفتاحة أشبه بالحديقة المكتظة بأنواع الأشجار المثمرة وألوان النبات والزهور فكانت لاتخلو عصر كل يوم من ارتياد المتنزهين . ويضيف الحميّد قائلاً (للرياض) :إنه قبل حوالي عشرين عاما لفت أنظار سمو الأمير ( خالد الفيصل بن عبدالعزيز ) أمير المنطقة آنذاك وهو الفنان والمثقف المعروف فاختارها ليكون جزء منها مركزا ثقافيا يحمل اسم (الملك فهد بن عبدالعزيز) وسوقا شعبيا منظما باسم سوق الثلاثاء تخليدا للسوق الذي يقام وسط مدينة أبها لعدة قرون قبل أن تزال البيوت القديمة وتنالها يد التنمية
والتطوير وعمل الأمير خالد على تعويض أصحاب الأملاك ثم بناء القرية الجديدة على الطراز الحديث بدعم مادي ومعنوي منه بمشاركة المواطنين حيث أقام مراسم للفنون التشكيلية بمعارضها ومسرحاً يتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج وافتتحها بحفل بهيج حضره ضيوف أول ملتقى صيفي سنوي عسيري من داخل المملكة وخارجها وكانت قرية المفتاحة بصورتها الجديدة الأولى من نوعها ليس على مستوى المملكة فقط بل والدول المحيطة ولا يزال الجزء الباقي منها ينتظر التحديث ضمن مشروع وسط أبها ونأمل إلا يطول الانتظار.؟
جولة داخل المفتاحة
حرصنا خلال هذا التقرير الوقوف على أعتاب قرية المفتاحة لنعيش مابين قصص ماضيها وشواهدها القائمة حيث استقبلنا هناك الأستاذ عبدالله شاهر مدير مركز الملك فهد الثقافي الذي تناول معنا قصة إنشاء القرية إلى أن اكتملت على ماهي عليه الآن وأصبحت منارة للثقافة في هذا الجزء الغالي من وطننا فقال: بدأت قرية المفتاحة بفكر ة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وذلك في بداية عام 1408ه حيث كانت القرية مهجورة متداعية، نزعت ملكيتها لتكون مع بعض ما يجاورها من المزارع متنفساً عاماً، ومن المتعذر إبقاء القرية على وضعها السابق لصعوبة معالجتها وصيانتها .ومن هنا قام سموه بزيارات تفقدية لقرية المفتاحة القديمة ووجد أن هذا المكان هو أنسب مكان لإقامة هذا المركز ولكن وجدت صعوبة في إعادة صيانة المباني القديمة فرأى ضرورة إزالة القرية القديمة ولكن ماذا سيحل محلها؟ وهو ما رأى أن يحل محلها مركز جذب سياحي داخل المدينة يحمل الطراز المعماري القديم، ويهتم بالحركة التشكيلية والفوتوغرافية ويحضر بعض المهن والحرف والمشغولات اليدوية المحلية .فبرزت للوجود قرية قديمة حديثة في مبانيها ومعانيها ورصدت ميزانية هذا المشروع من القطاع العام والخاص على شكل تبرعات وشكلت لجنة عليا مشرفة برئاسة سمو الأمير خالد الفيصل رئيس المشروع وعضوية مديري الإدارات الحكومية وانبثقت منها لجان عمل أخرى للإشراف ، ومن هنا بدأت قرية المفتاحة التشكيلية وفي عام 1410ه أصبح الحلم حقيقة وافتتحت قرية المفتاحة وسط احتفال شعبي وثقافي كبير حضره المولعون بالثقافة والأدب والفنون في عرس ثقافي. وعن عمل القرية ومشاركاتها الأن أوضح شاهر ان القرية تحتضن إقامة عدد من الدورات داخل المركز، وهي دورة الفن التشكيلي دورة الخط العربي (الرقعة والنسخ) ودورة اللغة الإنجليزية دورة فن الخزف ودورات في الحاسب الآلي رجالية ونسائية، وأيضاً المشاركة في مهرجان الجنادرية واستقطاب
الأمسيات الثقافية والفنية بمسرح المفتاحة. كما ضمت القرية إقامة المعارض في صالات المركز مثل معارض الكتاب ومعرض الأرشيف الوطني ومعارض دارة الملك عبدالعزيز، وأيضاً أقيم عليها العديد من الأمسيات والندوات والمؤتمرات على مستوى العالم العربي، أما بالنسبة للفن التشكيلي فتعتبر قرية المفتاحة من أكبر القرى التشكيلية على مستوى الشرق الأوسط ولها اهتمام بالفن التشكيلي والفنانين، وذلك بعقد الدورات التشكيلية وعمل المعارض وورش العمل الفنية واستضافة إعلام الفن التشكيلي .
مسرح المفتاحة
وعلى الصدد ذاته أصبحت قرية المفتاحة تضم بين أحضانها أكبر مسرح مغلق في الشرق الأوسط يتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج استخدمت فيه أحدث التقنية الصوتية والإضاءات أقيمت عليه العديد من المحاضرات والندوات والاحتفالات كما أنه أصبح يجمع عشاق الفن بمطربيهم كل عام وسط أجواء سياحية تلفها سحب أبها الممطرة مما يمنع اليأس والملل من التسرب الى نفوس زائريها الظمأى الى الفرح والابتهاج.
سوق الثلاثاء
وفي الجانب الآخر من المفتاحة يتربع سوق الثلاثاء الشعبي الذي يعتبر من أقدم الأسواق الشعبية في منطقة عسير وسمي بهذا الاسم نسبة ليوم انعقاده وهو يوم الثلاثاء من كل أسبوع حيث يلتقي المنتج فيه والمستهلك وأصحاب الرأي والضبط ويتم البيع والشراء واستطلاع أخبار الأمطار والأسعار والتجار والمستجدات وتعقد مجالس إصلاح ذات البين وحل المشاكل وغيرها بالإضافة إلى تدعيم ضوابط التسويق وتطبيقاتها، ويعتبر سوق "سوق الثلاثاء" بأبها من الأسواق القديمة التي رجح التاريخ ابتداء العمل فيه من عام 1250ه، في حي مناظر بأبها ومع تطور العمران والسكان وحاجة الناس إلى توفير المتطلبات المعيشية تم التوجيه بإعادة أحياء دور الأسواق الشعبية في المنطقة ومنها سوق الثلاثاء بأبها وتم اختيار الموقع المجاور بجوار قرية المفتاحة لإنشاء سوق الثلاثاء الشعبي الجديد بمدينة أبها وبعد استكماله من جميع جوانبه تم افتتاحه في يوم الثلاثاء السابع من الشهر السادس للعام 1416ه وهو بمساحة تقدر بحوالي 14953م 2في شكل بيضاوي مقسم إلى ممرات للمشاة وبسطات مفتوحة .
المفتاحة مركزاً سياحياً هاماً
ختاما تعد قرية المفتاحة معلماً حضارياً وإبداعياً وثقافياً تتباهى بها أبها من بين بقية المدن .هذه القرية التي لم تكن وليدة صدفة بقدر ما هي نتيجة لتلك التحولات مع الزمن ونظرة مسئولين يعملون بصدق وجهد .ومما لا شك فيه أن هذه القرية بمرافقها المتمثلة في مركز الملك فهد ومراسمها المخصصة للفنانين، وإدارتها، ومقر لجنة التنشيط السياحي، ومعارضها الدائمة والمؤقتة، ومطاعمها، ومقاهيها وسوقها، وبيوتها القديمة، والحدائق المحيطة بها من أبرز الجوانب السياحية التي من شأنها تنشيط الإبداعات الفنية والمهارات الحرفية والصناعات اليدوية في مناخ عمراني تراثي وجمالي وتشكيلي.. كما أنها معلم معماري حديث تتنفس فيه روح الأصالة التراثية ملء رئتيها عبر خطوط بنيانها المعماري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.