يعود مؤتمر الأدباء للمرة الثالثة في تاريخه بعد سنوات طويلة من الغياب، وعودته تمثّل أهمية كبرى، وتأتي في وقت هام، خاصةً وإننا في عصر جديد في كل شيء، في تقنياته، ومعلوماته، ووسائل اتصاله، ولذلك فإن الحاجة إلى لم شمل أدباءنا ومثقفينا، هي حاجة ملّحة تفرضها التغيّرات والتطّورات التي أعطت واقعًا جديدًا، لا بد من التعامل معه من منظور جديد. آخر مؤتمر عُقد، كان العالم غير، والأوضاع غير، وأحوال الثقافة والأدب غير، والآن يأتي المؤتمر وعليه مسؤوليات وأعباء كثيرة تحتاج إلى اهتمام، والمشاركين فيه سيقدّرون كل نقطة وكل موضوع، وستكون توصياتهم في نهاية المؤتمر خلاصة إيجابية لكل ما يهم أدبنا وأدباءنا. وبهذه المناسبة.. أتساءل (ونحن كما قلت في عصر جديد)، إذا كان مؤتمر الأدباء سيعود بعد غياب، وهي عودة تقتضيها الظروف والمستجدات في العالم الجديد، هل سنسمع عن إقامة مؤتمر الفنانين الأول؟! مؤتمر الفنانين أيضًا تقتضيه الحاجة، فالفن اليوم له وجوده القوي جدًّا، بالفضائيات، والإذاعات، والمهرجانات، والحفلات، والمعارض، والمناسبات الكثيرة، وهذه أمور يجب تنظيمها، لتشكّل أساسيات لمراحل مقبلة، ستأتينا -آجلاً أم عاجلاً-، ولا بد من مواجهتها من الآن، ونكون جاهزين لها بأحسن شكل. وأثق في أن فكرة مثل هذه، ستكون محل اهتمام وزير الأدب والفن الدكتور عبدالعزيز خوجة، فهو الأديب الفنان، القريب من الفئتين، وإذا كان الأدباء عاد لهم حضورهم عبر مؤتمرهم الثالث، فإن أهل الفن أيضًا لديهم قضاياهم ومواضيعهم وأحلامهم وأمنياتهم، وهذه أمور يجب تنظيمها، ولدينا الكثير من فنانينا المثقفين الكبار الذين يمكن الاستفادة منهم، والأخذ بآرائهم، لوضع صورة جميلة وجديدة لفنوننا الرائدة. * * * من المواضيع الهامة التي أرجو من مؤتمر الأدباء، والمشاركين فيه، أن يضعوها محل اهتمامهم، موضوع دمج الأندية الأدبية مع جمعية الثقافة والفنون. ففكرة الدمج لها نتائج إيجابية جدًّا، أهمها وضع الجهات الثقافية في الإطار الصحيح، بدلاً من العشوائية القائمة حاليًّا. فعندما ندمج الأندية مع الجمعية، ونجمعها ونجعلها في مركز ثقافي واحد، له فروعه في كل مدينة، ويضم كل مركز إدارات وأقسام متخصصة، ستصبح العملية الثقافية منظمة، وتحت مرجعية واحدة، وبأسلوب حضاري. وتخيّلوا عندما يأتينا ضيوف مثقفون أو فنانون أو إعلاميون عرب أو أجانب ونذهب بهم إلى مبنى جميل اسمه “المركز الثقافي”، فيدخلون ويشاهدون ويتعرّفون على فننا وأدبنا بوجود المختصين، أليس أفضل من أن نذهب بهم إلى مقر نادٍ أدبي في حي لا يعلم به إلاّ الله، أو فرع لجمعية الفنون في حارة لا يعرفها أهل البلد نفسه، وتقوم كل جهة منهم بعمل برامج ضعيفة، ومكررة، ومتشابهة مع بعضها، فماذا سيكون منظرنا أمام الضيوف؟!. إذا أردنا أن نرتقي بأدبنا وفنوننا، علينا أن نبدأ من الصفر، ونلغي كل الاجتهادات السابقة، ونبدأ عملية تصحيح جديدة، بدايتها بإنشاء مراكز ثقافية شاملة وجامعة، ونلغي المسميات والأفكار القديمة. وأعود وأقول وأكرر: نحن في عصر جديد، والثقافة عنوان الأمم، وبلادنا -ولله الحمد- تتمتع بحضارة ثقافية متفردة ومتميزة، علينا أن نهتم بها، وأن ننشئ مراكز ثقافية تجسّد الواقع الجديد.. واقع العالم الصغير، والإنترنت، والفضاء المفتوح، وهو واقع سيزداد انفتاحًا، يومًا بعد يوم، ولا بد أن نكون جاهزين له، فالإمكانيات متوفرة، والكفاءات موجودة، والمبدعون (الحقيقيون) ينتظرون إشارة البدء، فهل ندخل العصر الجديد، بمفاهيم جديدة؟!. * * * * إحساس كم تذكرتُ سويعات الأصيل وصدى الهمسات ما بين النخيل أنت في حبك.. وأنا في حبي وأرى الذكرى دواءً للعليل