في كل عام تأتي الاحتفالات على اختلافها في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها لكي تقدم للمواطن والمقيم برنامجا ترفيهيا الهدف منه اسعاده وإمتاعه بشكل يخلق له أجواء المتعة التي لابد أن تتوافق مع المناسبة ذاتها؛ كالأعياد واليوم الوطني وبرامج العطل الصيفية، إلا أنه يؤخذ على تلك الاحتفالات - رغم أهميتها وضرورة استمررها - غياب التنظيم الدقيق لها، من حيث اختيار المكان، والتوقيت، وتقديم الخدمات، ومن حيث أيضاً البرامج ومحتوى الفعاليات المكررة، والمملة أحياناً، ومدى جدواها للعائلات والأطفال، كما أن معاناة المواطن أكبر في الوصول إلى مواقع الاحتفال مع الزحام المروري الشديد، وتحديداً من خلال الصراع على مواقف السيارات، ومقاعد الجلوس في الحفل، وهو ما يزيد من ملل المواطن الذي جاء ليحصل على المتعة، إلى جانب البحث عن مكان مكيف مع أجواء الصيف الحارة جداً. الدعم لا يزال محدوداً و«الاجتهادات الفردية» طاغية.. و«الاستبيان» غائب! والسؤال: ما الذي ينقص فعاليات واحتفالات العيد في مناطق ومحافظات المملكة لكي تخرج بالمستوى المرغوب فيه، بحيث تقدم مشروعا ترفيهيا حقيقيا يتعامل مع إنسانية الإنسان وفكره قبل أن يتعامل مع ترفيهه؟، وهل تنال بعض المحافظات أو المدن حظاً وافراً من الاهتمام من الجهات المعنية أكثر من غيرها من المناطق الأخرى؟، ولماذا يغيب الخبراء والمختصون عن الإعداد لهذه الاحتفالات بأسلوب علمي متقدم ومتحضر مع توافر الميزانيات الجيدة التي تستطيع تنفيذ مشروع الترفيه، من خلال مبنى معد ومجهز بشكل جيد لاستعاب هذه الاحتفالات لتخرج كما يرغب بها المواطنين؟. مشاركة الأطفال مهمة للتعبير عن براءة الفرح خطة مرورية ورأى "د. زكي بن عبدالعزيز بودي" - وكيل كلية التربية للشؤون الأكاديمية بجامعة الملك فيصل - أن جميع الجهات المعنية تستعد للمناسبات المختلفة سواء الدينية أو الوطنية أو غيرها بشكل كبير، وتظل هذه الاستعدادات متفاوتة من منطقة لأخرى بناءً على ما يُقدم من خطط وبرامج لها، كما أن المستفيدين من هذه الأماكن - أيضاً - متفاوتين في عملية استخدامهم للمرافق المختلفة؛ فهناك ميزانيات تصرف وأماكن تجهز، ولكن للأسف الشديد هناك من مرتادي هذه الأماكن من مقيمين أو مواطنين من يسيء استخدام هذه الأماكن، سواء من حيث الحفاظ على النظافة أو الاستخدام الأمثل لها. فعاليات العصر لا تناسب الأماكن المكشوفة وقال إن العيد فرصة جميلة للترفيه بشكله الحقيقي ولقاء الآخرين وكسر الروتين مع الأسرة، وتحديداً حينما يزورون مناطق أخرى، مشيراً إلى ضرورة أن يكون لدى المواطن والمقيم وعي كبير لاستغلال هذه المرافق بشكل جيد، كما على الجهات المعنية أن تختار الأنشطة أو الفعاليات على درجة الحدث نفسه، كما لابد أن يكون التوقيت الزمني مناسب؛ مقترحاً أن تكون الفعاليات قصيرة، ومنوعة، ومتجددة مع وعي المجتمع، ومسايرة تطوره، إلى جانب تجهيز خطة مرورية تضمن وصول الجمهور إلى مواقع الاحتفال من دون كدر، أو ملل، أو صعوبة في الحصول على موقف للسيارة، أو يتفاجؤون أن المكان غير جاهز من التكييف أو الترطيب المناسب بالوسائل المتاحة. زكي بودي الهوية الوطنية وأشار "د. بودي" إلى ضرورة أن تجسد هذه الفعاليات الهوية الوطنية للتراث، سواء وجود العرضة السعودية، أو إبراز بعض العادات والتقاليد التي اعتادوا عليها أبناء المناطق والتواصل مع جمعية الثقافة والفنون في ذلك، كما لابد من تحسس احتياجات المواطن والمقيم لمثل هذه الفعاليات، من خلال عمل الجهات المعنية لبعض الاستبيانات البسيطة (لا تتجاوز ورقة أو مجموعة خيارات) توزع للأفراد خلال تجمعهم في المجمعات التجارية في شهر رمضان (ليس بالضرورة أن يكون لهذا العام بل للسنوات القادمة)، كما يمكن أن توزع في المساجد ومن خلال رسائل الجوال والمواقع الإلكترونية؛ فدائماً استقطاب آراء المستفيد من أهم الأمور الت تحفز على التطوير والتغيير للأفضل. د.عبدالعزيز العمري اجتهادات فردية.. ولكن! ودعا "د. عبدالعزيز العمري" - عضو المجلس البلدي بالرياض - إلى تشجيع هذه الاحتفالات؛ لأن العيد فرح وأنس للعائلة؛ فكل ما يُبذل في هذه الاحتفالات إنما هو وسيلة لإدخال ذلك الفرح في نفوس الأسر، وذلك أمر مطلوب وطنياً ودينياً، وعلى مختلف الأصعدة، إلاّ أنه في مقابل ذلك لا يمكن تجاهل بعض الملاحظات التي تؤخذ على مثل تلك الاحتفالات؛ لأنها قائمة على الاجتهادات الفردية، مطالباً أن يكون هناك ملاحظة ومتابعة دقيقة للفعاليات، وأخذ ملاحظات المواطنين عليها بعين الاعتبار؛ فالهدف إسعاد المواطن، ولذلك لابد أن يترك له المجال بأن يقيم مستوى تلك الاحتفالات وأن يبدي ملاحظاته عليها، ومن ثم العمل على تحسين تلك الملاحظات. وقال: "هناك اختلافات كبيرة من حيث الإعداد لتنظيم هذه الاحتفالات بين المحافظات؛ فتخرج بمستويات متفاوتة، إلا أن كثيرا من الملاحظات التي تؤخذ على مثل هذه الاحتفالات ليست منوطة بالجهات المنظمة؛ لأنه حينما تخرج الفوضى من بعض الشباب فإن ذلك ليس خطأ الأمانات، بل أخطاء أفراد، وينبغي أن لا يخرج عن حدود مسؤوليتهم في ذلك ولا نحمّل الجهات الأخرى تبعات تلك الأخطاء". وأضاف أن من الأخطاء التي تؤخذ على الاحتفالات تجاهل نصيب الشباب أو العزاب منها؛ فينبغي أن يكون لهم نصيب فيها ويكون لهم نصيب من الفعاليات، فليس ذلك أمر صعب، مبيناً أن المجالس البلدية ليس لها دور تنفيذي إلاّ أنه لها الحق في إبداء وجهة نظرها، خاصة الفعاليات التي تنطلق من البلدية أو تشارك البلدية فيها، أما غير ذلك فليس لها أي علاقة بتنظيم تلك الاحتفالات أو الإسهام فيها. وأشار إلى أن توصية مجلس بلدي الرياض قبل ثلاث سنوات بتشجيع الشركات الناشئة للشباب الذين يستطيعون أن يقدموا فعاليات معينة مثل بعض البرامج الترويحية، خاصة أن لدينا مواهب شبابية ناشئة في مختلف مناطق المملكة نطمع أن تشجع في المشاركة في البرامج، موضحاً أنه في كل مدينة يوجد فيها من الطاقات ما يجب أن يتم التنسيق بينها وبين الكفاءات الموجودة فيها. مستوى التنظيم وأكدت الأستاذة "مها السديري" - مديرة إدارة الخدمات النسائية في أمانة الأحساء - أن الأسر السعودية للأسف الشديد لا تحصل على الاهتمام الكافي من هذه الاحتفالات، وذلك لا ينطبق فقط على احتفالات العيد، بل يدخل في ذلك مناسبات وطنية أو مناسبات متنوعة في فترة الصيف، فليس هناك تنظيم لمثل هذه الاحتفالات، ولا ينظر إلى احتياج العائلات أثناء إعدادها؛ فمن لا يستطيع السفر لا يوجد خيار آخر بداخل المنطقة سوى ارتياد المجمعات. وقالت: "هذه الاحتفالات يسودها كثير من سوء التنظيم وسوء اختيار البرامج، كما أن المكان الذي يعد فيه الاحتفالات غير جيد، فليس هناك مراعاة لأحوال المناخ لدينا ولشدة الحرارة، وكثير ما تقام هذه الاحتفالات في "الكورنيش"؛ ما يجعل المكان غير ملائم للأسر السعودية، خاصة الأطفال الذين قد يعانون من تحسس الجو، كما أن الفقرات المعدة في برنامج الاحتفالات لا تخدم زيادة وعي الأسر أو إمتاعهم؛ فالتنظيم الجيد والمحكم هو الإشكالية لدينا في هذا نوع من الاحتفالات". احتياجات الأسرة وأضافت أن ما تحتاج إليه هذه الاحتفالات مراعاة الأسر واحتياجاتهم من قبل الجهة المنظمة، وأن يوضع ذلك بعين الاعتبار من حيث المكان والوقت، فهناك من يعد الاحتفالات في الأعياد في وقت العصر، فمن سيُقبل عليها في هذا الوقت الحار، مشيرة إلى ضرورة أن تعمل تلك الجهات استبيان لأهم ملاحظات المواطنين حول هذه الاحتفالات حتى تخرج بنتيجة تساعد على تغيير المفهوم العام حول إعداد الاحتفالات بما يتناسب مع تلك الملاحظات؛ فالغريب أن دولا قريبة أخرى لا تتفوق علينا في الإمكانات إلاّ أن احتفالاتها جيدة ومخطط لها بشكل ممتاز وتخرج بمستوى مشرف، داعية إلى ضرورة أن يكون هناك استشاريون وخبراء متخصصون في مجال التخطيط للاحتفالات يتم الاستعانة بهم في مثل هذه المناسبات، كما لابد أن لا يُترك الأمر مفتوحاً للشركة أو الجهة المنظمة للحفل، بل لابد من وضع خبير من قبل الأمانة يتولى مهمة المتابعة والرقابة على أن يكون عمل كل خبير مخصصا لفقرة من فقرات الحفل؛ فهناك الخبير المتعلق بفقرات الأطفال، وهناك خبير يشرف على فقرات توجيه العائلة وهكذا حتى يكون عملا متكاملا. مساواة في الدعم وأشارت إلى أن اختلاف المناطق ومواقعها الجغرافية يزيد أو ينقص من حدود الاهتمام بهذه الاحتفالات والفعاليات؛ فهناك مناطق يهتم باحتفالاتها بشكل كبير، ويُعد لها المكان والميزانية؛ في حين بعض المحافظات لا تأخذ حظاً كبيراً من ذلك الاهتمام، وتلك مشكلة أن تتفرد منطقة بالاهتمام والتنظيم من دون منطقة أخرى، والسؤال: لماذا لا يوحد الدعم والجهد في جميع مناطق المملكة؟، موضحه أن من أهم الاقتراحات التي تساعد على نجاح هذه الاحتفالات تخصيص مكان للاحتفالات يعد ويُبنى ويخصص لهذه الفعاليات على أن يكون بارداً ومصمماً بشكل مناسب، خاصة أن هناك كثير من الصالات الرياضية أو صالات أخرى مغلقة من الممكن الإفادة منها في تدعيم مشروع إنجاح الاحتفالات التي تخصص للعائلات حتى لا يكون ذلك الجهد ضائعا وليس له قيمة.