يبدوا واضحاً أن هناك سعياً حثيثاً من أجل إنجاح الفعاليات والأنشطة التي تقام من أجل إمتاع الناس، سواء في فترة الإجازات الصيفية أو في الأوقات الأخرى، ويبرز دور هيئة السياحة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كهيئتين أساسيتين في إنجاح تلك الفعاليات، حيث تبذل هيئة السياحة جهدها لتخلق منافذ من الإمتاع والتسلية في أوجه السياحة المتفرقة ترغيباً بالسياحة الداخلية، وكذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تفعل حينما تكون حاضرة لإتمام تلك الفعاليات في ظل ظروف جيدة ومستقرة، ودون تجاوزات أو إخلال بالنظام، ولكن برغم وجود الاجتماعات المسبقة بين عدة جهات قبل إتمام تلك الفعاليات والأنشطة، وعلى الأخص هيئة السياحة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخروج بعدة توصيات من ذلك الاجتماع، إلاّ أنه يلاحظ بأن بعض تلك التوصيات لا تنفذ في الواقع الميداني، فهيئة السياحة تنظم للفعاليات وتسن أنشطة قد تأتي هيئة الأمر بالمعروف لمنعها أو ذكر بعض الملاحظات عليها، فيحدث -في بعض الأوقات- تصادم بين ما تخطط له هيئة السياحة وتفعله، وبين ما تراه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيقع السائح الذي قد يكون جاء من مناطق أخرى لحضور هذه الفعالية ضحية؛ لعدم وجود التنسيق الميداني الحقيقي الذي يكون منطلقاً بداية من طبيعة التجربة في الميدان وليس تصوراً على الورق. تنظيم فعاليات وفقرات منوعة وفجأة يتم إيقافها أمام الجمهور..ثم تتعالى «أصوات الاحتجاج» وجد البعض ممن كانت له تجارب في حضور ذلك النوع من الفعاليات والمهرجانات والأنشطة بأن فكرتها جيدة، وقد تخلق الكثير من الإمتاع، خاصةً للعوائل في ظل المجالات السياحية الداخلية الضيقة، حيث يرون أن التخطيط لها وتنفيذها أمر جيد، إلا أنه يلاحظ بأنه في كثير من الأوقات يحدث شيء من الاختلال الواضح بين الهيئات والقائمين على تلك الفعاليات، فترتبك وقد تلغى بعض الفقرات دون أخرى، متمنين فيما لو تم التنسيق بشكل جيد وحقيقي بين الجهات المعنية القائمة على إقامة مثل تلك الفعاليات قبل تنفيذها، بدلاً من الشد والجذب في الآراء لحظة إقامة الفعالية، وحدوث بعض السلوكيات غير الجيدة من البعض، والذي يعتقد البعض بأنها لا تتعدى الاجتهادات الفردية، مطالبين أن تكون هناك فعاليات شيقة ومختلفة، يشارك في تنسيقها وإعدادها ليس فقط تلك الهيئتين، بل إنه لابد أن تعتمد تلك الفعاليات على جهات عديدة كرجال الأعمال والمستثمرين وكذلك بعض المثقفين والمختصين، الذين يستطيعون أن يضعوا الأشياء التي تمتع الناس بأساليب محببة وراقية، فالإمتاع والسياحة مسؤولية الجميع وليس فقط هيئة السياحة. د.الصبيحي: الرؤية غير واضحة حول الوظائف والأدوار القحطاني: المشاكل تبدأ حينما يختفي الانسجام بين المنظمين الغامدي: حدوث الأخطاء في أي مكان أمر وارد وطبيعي وضوح في الرؤية في البداية قال "د.محمد الصبيحي" -وكيل كلية الدعوة والإعلام للتطوير بجامعة الإمام، والمستشار السابق بهيئة الأمر بالمعروف-: إن طبيعة العلاقة التي تحكم المجتمع المدني الحديث تتطلب الكثير من الجهد ما بين المؤسسات، بحيث يكون هناك وضوح في الرؤية حول الوظائف والأدوار الموكلة لكل قطاع ولكل مؤسسة، على أن لا يكون هناك نوع من التداخل في الاختصاصات والوظائف والمسؤولية، فمتى وجدت الرؤية الواضحة والأدوار الواضحة فبلاشك أن ذلك سينعكس على طبيعة العلاقة التي تحكم نقاط التداخل أو التقاطع فيما بين هذه المؤسسات؛ لأنه من الطبيعي بما أن هذه المؤسسات تناقش وتخدم السلوك البشري والإنسان، فمن المتوقع أن يكون هناك بعض الأطر المشتركة والعلاقات التي من الممكن أن تكون سلسة وتدار بطريقة ذكية، تسهم في نجاح الفعالية بدلا من فشلها، موضحاً أن ذلك يحدث حينما ننظر بالتحديد إلى السياحة على اعتبارها مؤسسة تعمل في بعض الفعاليات دور المشرعة والقيام ببعض التنظيمات، لتعمل هيئة الأمر بالمعروف كداعم فيما يتعلق بالاحتفال أو الجانب الرقابي في الجوانب التشريعية المتعلقة بالجانب الشرعي الديني، والمتعلق بالممارسات والسلوكيات داخل المجتمع. الخطأ طبيعي وارد وأكد على أن الحاجة تتطلب خطوة التحول من مذكرات التفاهم والتعاون والاجتماعات الرسمية المكتبية إلى فرق عمل والقيام بإجراءات وآليات، بالإضافة إلى التعريف بالبرامج والمناشط التي سيتم تنفيذها على أرض الواقع، مشيراً إلى أنه في حال تم فيها التعامل مع هذه الأنشطة بدلاً من الانتقاد أو تحري الخطأ إلى التكامل وتظافر الجهود والسعي إلى هدف مشترك، إلى جانب الشراكة لخدمة أفراد المجتمع سواء كان ذلك على مستوى هيئة الأمر بالمعروف أو هيئة السياحة بشكل عام، فلاشك أننا سنتنازل عن "البيروقراطيات" وتخطيء الآخر، إلى التنسيق أكثر وتضافر الجهود أكثر، بالإضافة إلى تحمل الأخطاء الطبيعية المتوقعة، ذاكراً أن موضوع الخطأ طبيعي ووارد، فمن لا يعمل هو الذي لا يخطئ، أما الذين يمارسون العمل في الميدان فسيكون لديهم الكثير من الأخطاء، وهنا يأتي أهمية كيفية التعامل مع الخطأ، بوضع إجراءات وآليات للعديد من البرامج المشتركة، وكذلك إيجاد فرق عمل ميدانية، وأن تكون لجان التنسيق لجاناً مكتبية، ومهما بذلت فسيكون حدود معرفتها بالقانون أو الإجراءات النظرية، أما على أرض الميدان فسيكون هناك تطبيقات ومهارات أخرى. فكرة التكامل وأوضح أن ذلك يتطلب عدم البحث عن الخطأ أو اكتشاف الخطأ، وإنما يكون الهدف تصحيحه والاستفادة من التجارب السابقة، بالإضافة إلى التكامل بين مؤسسات المجتمع بدلاً من الندية أو إلقاء الأخطاء على الآخرين، خاصةً أن الثقافة الموجودة هي تبرئة أنفسنا وإلقاء الخطأ على الغير، ذاكراً أنه في حالة تبنت مؤسسات المجتمع المدني فكرة أن نتكامل وأن يكون هدفنا التصحيح، والمواطن نفسه كيف يستفيد من هذه الخدمات؟، وكيف يستفيد من هذه المؤسسات؟، فإنه بلاشك سنصل إلى حد أن يشعر المواطن أن مؤسسات المجتمع المدني تتنافس لمصلحته، كذلك من الطبيعي أن يكون هناك ما يسمى بعدم الإهدار لهذه الفعاليات والأنشطة والخدمات والإمكانيات الوطنية؛ لأنها تمثل في الوقت نفسه ممتلكات باهظة الثمن وبذل عليها جهد، وحينما لا توظف ولا تستخدم بالشكل الصحيح، يصبح ذلك في مقام الإهدار؛ لأنه تم استهلاكها بطريقة غير صحيحة أو في بيئة متناحرة وخلافات وتنابذ بالأخطاء، لافتاً إلى أنه لابد أن لا يكون هناك مبالغة في التعامل مع الخطأ، فقد تكون هناك بعض الأخطاء المنطقية أو البسيطة، وقد تكون من قبل بعض الجهات التي توسع دائرتها أو ربما أعطيت أكبر من حجمها، وبالتالي يشعر المسؤولون أنها أخطاء ضخمة وذات سلبية كبيرة، بينما هي أمور منطقية في ظل العمل والجهد المبذول على أرض الهيئة. غياب الوعي ورأى "عبد الله القحطاني" -رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية بالشرقية- أن الأخطاء التي تحدث في الفعاليات تبدأ حينما يختفي التنسيق بين الهيئات، فحينما يكون هناك إجراءات نظامية تمر على مجلس التنمية، وطالما أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عضو في مجلس التنمية، فإن الأمور تصبح على أحسن حال، موضحاً أن ما يحدث من أخطاء في تلك الفعاليات، إنما يأتي من اجتهادات فردية من قبل بعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذاكراً أن غياب الوعي بضرورة حصول أي عضو على تصريح من قبل الهيئة لأي عمل يرغب القيام به قد يخلق المشاكل في ذلك، مشدداً على أهمية أن يمر التصريح بعدة مراحل، تبدأ من الهيئة ذاتها ثم الشرطة ثم المرور، ثم هيئة السياحة والغرف التجارية، مشيراً إلى أن هناك من المستثمرين من يقيم فعاليات دون المرور بهذه الخطوات، وربما من هنا تأتي الثغرة الموجودة بين الجهات، موضحاً أنهم كلجنة للسياحة ليس هناك تنسيق مباشر مع هيئة الأمر بالمعروف، إلا أن دورهم يتمثل في حالة وجود مستثمر تضرر من الهيئة بأي شكل، من الممكن أن يلجأ إليهم فيتدخلون لحل الخلاف. همزة وصل وأوضح أن دورهم يتركز كهمزة وصل بين المستثمر في القطاع السياحي والدوائر الحكومية المختلفة والتي تُعد الهيئة من ضمنها، وعادة ما يتم ذلك من خلال عقد اجتماعات مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك ما يحدث بتقريب وجهات النظر ورفع الإشكالية، مضيفاً أن ما ينقص الفعاليات والأنشطة المقامة لتظهر بالشكل المطلوب هو مساهمة مستثمرين في المجمعات التجارية والفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات السياحية في تلك الفعاليات، مبيناً أن اللجنة السياحية ولجنة التنمية غير قادرة على إجبارهم على المشاركة، فالغرفة تبذل جهدها في ترغيب المستثمرين عن طريق تقديم العروض الجيدة لهم والتخفيضات، كما توجه لهم الدعوات. جدول عمل أما "د.مسعود الغامدي" -الداعية والإعلامي- فرأى أن الجهات المعنية والتي غالباً ما تكون لها شراكة في أمر واحد في جهات مختلفة، ومن ذلك هيئة السياحة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن يرتقي مستوى التنسيق بينهما، بحيث يخرج بجدول عمل في تخطيطه وتنفيذه في مجال الميدان على شكل خطوات محددة، حتى لا يلتبس الأمر على أحد، كما يعرف كل شخص دور جهته التي يمثلها وينفذها بدقة دون تجاوز لأدوار الآخرين أو تقصير في الواجبات، موضحاً بأنه تجري هناك اجتماعات وتخرج من هذه الاجتماعات نوع من المحاضر والقرارات، إلا أنه مع الأسف الشديد يكون هناك قصور في التنفيذ الميداني، وربما حصل التقصير في مخرجات هذه الاجتماعات فتكون القرارات عائمة وغير صالحة، مؤكداً على أن الأهمية تتطلب تحويل تلك القرارات التي تخرج بها الاجتماعات إلى ورقة عمل ينفذها العامل في الميدان على شكل خطط، وهذا مفقود ليس فقط بين هاتين الهيئتين بل إنه مفقود بين الجهات التنفيذية الأخرى، ذاكراً أن الجميع من المؤكد يرغب بالتعاون وبأداء دوره، والجميع يرغب بأن لا يمس ما يخص الطرف الآخر، وكذلك الجميع يرغب بأن تتم الفعاليات بشكل راقٍ وأن تسعد الناس بهذه الفعاليات، فالأهداف والنيات طيبة. عامل الوقت وأشار إلى أن المشكلة تكمن في عدم وضع قرارات لهذه الهيئات التي تجتمع في شكل جداول عمل مفصلة في مجال الميدان، مضيفاً أن هذه الجهات هي أجزه حكومية ممكنة وقادرة، ولديها من الإمكانيات ما يجعلها تستطيع أن تخرج بالمظهر اللائق المطلوب موضحاً أن حدوث أخطاء فردية في أي مكان أو في أي مجال أمر وارد وطبيعي ومعروف، فتنتج تلك الأخطاء من أخطاء فردية، إلا أنه إذا باشرت الجهات المعنية معالجتها بشكل مباشر، فهذا يحد منها كثيراً، مؤكداً على أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واقع عملها الميداني أصبحت أفضل بكثير من ذي قبل، بل وأصبح أفراد الهيئة في المهام الميدانية على قدر كبير من التطور وقدر كبير من التفهم، فالقضية مرتبطة بعامل الوقت حتى يتمكن هؤلاء الأفراد من استيعاب الأنظمة الجديدة والتماشي معها، إلاّ أنه بشكل عام لا يعتقد بأن هناك مشكلة كبيرة، فالملاحظات تلك إنما هي تنتج من مشاكل بسيطة وفردية.