لم يكن أبداً هذا العام، عام الدراما التلفزيونية الكويتية. إذ يبدو أن صراع النرجسيات النسوية لنجمات الشاشة الخليجية، يكاد يقضي على كل شيء. هذه هدى حسين بعد عودتها إلى الدراما الكويتية والدخول لسنوات حلبة المنافسة النرجسية النسائية والإنتاجية، انتهت منتصرةً، ببطولة عمل «درامي» جديد، يحمل عنوان «خادمة القوم» الذي نكتشف بعد مشاهدته أنها لا تجسد سوى شخصية سيدة برجوازية، تريد هدى حسين أن توصل من خلالها أن «خادم/ة القوم سيدهم!». المشكلات في الدراما الكويتية تتضح هذا العام على مستوى البيئة الإنتاجية التي لم تنضج رغم كل هذه العقود من التجربة، فلو قارنا الأعمال التي تقدم في سوريا حاليا رغم بؤس الحال، سنجد أنها أفضل بما لا يقارن مع ما يقدم في الدراما الكويتية اليوم، حتى مسلسل ساهر الليل «3» لم يقدم ما يستحق على المستوى الإنتاجي.. صحيحٌ أن طرح قضية غزو الكويت (1990) والذي تأخر دراميا، يعد الأحدث على مستوى الموضوع، إلا أنه لم يأت بما يجاري هذا الحدث الذي هز وجدان المجتمع الكويتي والخليجي، حيث لم يستطع مسلسل ساهر الليل (وطن النهار) أن يوصل ذروة التعبير الفني والدرامي لهذه الكارثة، مركزا على «اكسسوارات الحنين».. من ديكور وملابس وأزياء تسعينية، ضمن ضيق الكادر، المختنق في مساحات ومواقع تصوير محددة، متقشفا على عدة مستويات من أهمها تقديم المجاميع العسكرية العراقية التي كان يفترض أن تظهر بشكل أكبر عددا وأكثر وحشية، فضلا عن أن ساهر الليل، غلب الخطابي والشفهي والمنبري (الوطني) على خطاب الصورة واكتفى بالتركيز على التفاصيل وفق ذات الرؤية الدرامية التي يكون فيها الحوار الصاخب والمتشنج أحد المحركات الرئيسية للفعل الدرامي. وبالعودة للنرجسية النسائية في الدراما الكويتية، يمكننا ملاحظة الأمر أيضاً في الأعمال التي لا تحضر فيها بطلات العمل بوصفهن ممثلات وإنما أقرب إلى عارضات الأزياء أو «الموديل»، حيث بدأت تستهوي جمهور المشاهدين (المراهقين) مسلسلات من نوع «بنات الجامعة» وغيره ليس لوجود الحكاية وإنما لوجود هذه الممثلة أو تلك وليس رغبة في معرفة تفاصيل المسلسل بقدر الاستمتاع بقصة شعر هذه الفنانة أو أزياء ومكياج تلك، ضمن وصفة الثرثرة التي تفتعل تحريك الأحداث في المسلسل بطريقة مملة. هكذا إذن يسير المشهد الدرامي الكويتي في طريق النرجسيات النسوية و»البناتية»، التي أخلت بشرط توازن الحكايات الدرامية التي تتطلب أن تكون البطولة للحكاية المبدعة، وهو ما يتعين أن تتوفر جملة أمور من أهمها أن يبتعد أغلب الممثلات المنتجات عن الإنتاج التلفزيوني وأن تكف المحطات المنتجة عن عرض أعمال فقط لوجود اسم هذه النجمة أو تلك وإنما يتم الالتفات إلى الحكاية و جدتها ومضمونها وهو ما لن يحدث والمعلن والموزع يتدخل في كل شيء وسط غياب المنتج الفنان. إن ما ننتظره من الدراما الكويتية ليس ما يقدم الآن وإنما ما يليق بتاريخها المؤسس للدراما التلفزيونية الخليجية التي نعرف جميعا حجم التأثير الفكري والثقافي والنفسي والسلوكي في الوعي الاجتماعي الخليجي العام، من هنا أتمنى حقا أن تتم مراجعة المسلسلات الكويتية بالدرجة الأولى على مستوى الخطاب وان تفضي هذه المراجعة للخروج من عنق زجاجة ما يقدم من مسلسلات سئم المشاهد من تكرارها وتناسخها وأن يفتح الباب لتقديم مغامرات درامية خليجية وكويتية، تهجر القصور المزركشة وتبدأ الحكاية من البحر ولا تنتهي في عرض الصحراء.