وداعاً خيرو، عندما لوحت بها جماهير النصر في المطار اتجهت أعينهم صوب أمتعة ديمتروف وخرجت بعدها تتساءل أين قيثارة خيرو التي طالما عزف عليها أنشودة النصر؟ ولماذا تركنا بهذه الصورة البالية بعد تطويعه الفريق لانتصارات عدة لم يكن ليستحقها؟ غادر خيرو وراحت تلك الجماهير المغلوبة على أمرها تهيم بين جنبات الصالة الدولية تبحث عن إجابة لتلك الفواجع الكروية والتي لا تكاد تشاهدها ولا تسمع بها إلاّ في ناديها، وما ان دلفت تتدافع تجاه الأبواب الزجاجية حتى أجمعت على ان هناك من حطم قيثارة خيرو، وهناك من مارس الخداع والضبابية مع ديمتروف لتحقيق أغراض شخصية ضارباً بأمانيهم عرض الحائط، وهناك من طالت أيديهم أوراق خيرو ادعاء المعرفة والدهاء الكرويين. عاد خيرو إلى بلاده يجر الخيبة والهزيمة رغماً عنه، ومع ذلك لم ينبت ببنت شفه في المطار سوى انه سيذكر لاعبي وجماهير النصر الذين اغدقوا عليه بهداياهم إلى الأبد، لقد نأى خيرو بنفسه بعيداً عن الرد على الإساءات بمثلها وترك دروساً في آداب كرة القدم.ربما غاب عن ذهن (خيرو) انه كان يقف وراءه جماهير فريدة من نوعها، كا أنها لا تخوض في السؤال عن المدة التي قضتها الفرق الأخرى دون تحقيق بطولات رغم البون الشاسع بين ستة أعوام وما مكثته فرق الخمس نجوم، غير انه كان يعي تماماً قدرته على تحقيق ما لم يحققه غيره لولا كتب عليه النحس. حسناً صنع البلغاري ديميتيار ديمتروف ممرن فريق النصر حينما ظهر وحيداً طوال عشرة أشهر للدفاع عن سمعة فريقه رغم المهمة التي جنى على أثرها السمعة السيئة، فقيادة فريق يلعب أمام أحد عشر منافساً وسط غياب قسري لأجانبه مغامرة وأيما مغامرة، خاصة إذا ما كان مدرب طموح بوزن ديمتروف تؤكد سيرته الذاتية انه قادر على إعادة فريق بحجم النصر إلى توازنه بعد دفعه بأندية بلغارية للظفر ببطولات محلية. وللحق ان ديمتروف أو (خيرو) - كما يلقب في بلاده - كان يقوم بكل الأدوار ابان إشرافه على الأصفر، فكان يقف بشموخ في الحين الذي اختبأ فيه آخرون للطبطبة على أكتف لاعبيه عند الانتقاص من أدائهم أو شخصياتهم، ولا يجب الوقوع في الاعتقاد الخطأ، فديميتروف لم يكلف نفسه بمحاولات تهيئة لاعبيه نفسياً غباء منه بقدر غيرته التي زادت من حدة تقاسيم وجهه المبتسم وطباعه الهادئة. هكذا مضت الأيام بين أسوار العالمي خلال هذه الفترة، فلم يكن هناك ما يدعو للتفاؤل باحراز نصر يذكر عقب رحيل الإدارة السابقة ووقوع كثيرين في فخ (هناك ما يمنعنا من الحضور إلى النادي)، وفي الوقت الذي كانت فيه الجماهير النصراوية تنتظر شرفييها لتخليص فريقها من عقدة كاريوكا إذا بها تواجه عنتاً من نوع آخر هو (ننتظر عودة فلان وفلان من السفر) ظناً منهم ان بلاتر ورفاقه قد يرضخون لمطالبهم في تحريف روزنامة لا يجرؤ رياضيو العالم حتى على رفع النظر فيها أو مجرد التفكير في مناقشتها. ومن البديهي ان يعوج الحال النصراوي إلى هذه الدرجة بفضل ما يكتنزه هذا النادي من شرفيين لاهم لكثير منهم سوى التفاخر ببطاقة عضويته، والتحدث في المجلس بلغة التباهي، فبعد ان كانت اجتماعات شرفييه أشبه ما تكون بانعقاد مؤتمر كبير تحسباً لنتائجه التي طالما جلبت البطولات، أصبحت مادة إعلامية هشة تتحاذفها الصفحات الرياضية دونما شفقة يقينا منها بمحصلة صفراء باهتة يحرص على صياغتها شرفيون كانوا يغارون فيما مضى من الزمان، وما يدعو للدهشة الامتعاض المتكرر لأعضاء شرف النصر إزاء اجحاف الصحف ووسائل الإعلام بصفة عامة لما يقدمونه من دعم لناديهم هو في الحقيقة كلام ليل سرعان ما يمحوه النهار.ليس غريباً ان تشعر الجماهير النصراوية بالحسرة على ماض تليد وحاضر مخجل، (فخيرو) لوحده دفع ثمن خطيئة ناد عالمي، وكان يقتل نفسه كل يوم على مرأى منها لفك نحس دام سبعة أعوام، والأقسى من ذلك كله مشاهدتها لفريق وصلت شهرته السماء بات يصارع من أجل الابقاء على اسمه ضمن أندية الدوري الممتاز.