المبدع هو مَنْ يجمع الفصاحة والبلاغة والوزن والقافية ويعد عبدالقاهر الجرجاني من أشهر مؤسسي النظريات النقدية في أدبنا العربي إذ يرى أن الشاعرية هي في البلاغة والفصاحة، ويؤيد ذلك بقوله: إن النص الواحد المتفق في الوزن والقافية لا يتفق في الفصاحة والبلاغة إجمالا وقد نستغرب هذا الرأي، بل منا من يعارضه بشدة، وفي هذه الأبيات للشاعر سعد بن جدلان الأكلبي ما يؤيد هذا الرأي ويدعمه نقديا، حيث يقول في احد ابياته الرائعة : يلي تقول الشعر همزة وكسرة يقول فكرك مقدي وانت مقديت ويقول سطام السلطاني كاتب في احد المواقع الشعبية ان الهمزة والكسرة لا يتعلقان بالبلاغة والفصاحة المجللة للمعنى ولكنهما متعلقتان بالوزن والقافية، وهما قالبا الشعر العمودي، فنراه يخاطب صاحب الرأي السابق ويوجهه إلا أن الشعر ليس همزة وكسرة أي وزن وقافية فقط ويعارضه في ذلك بقوله (ما اقديت)، بل يذهب إلى أبعد من ذلك حين قال : اسرح نهارك وإن ضوى ليلك أسره وتعود من بحر الشعر مثلما جيت فهو يسخر من ذلك الذي يرى الشعر وزنا وقافية ويقول: إنك لن تأخذ من بحر الشعر حقا، ولا باطلا ما دام هذا مذهبك، ثم يوجهه إلى الشعر الحقيقي كما يراه فيقول : أحلى بيوت الشعر سهلة وعسره عسره على الإبداع سهلة ليا أوحيت فهنا يبسط رأيه في الشعر الذي يستحق هذا الاسم (السهل الممتنع)الشعر الذي يحتفي بشرف المعنى، كما يذهب إلى ذلك كثير من النقاد القدامى في تحديدهم عمود الشعر كما يضيف مزية أخرى لذلك النص الشعري المنتخب سواء كانت تلك المزية لصاحب النص أو لناقله أو لمتذوقه، فهذه البيوت التي يختارها الأكلبي نموذجا شعريا لا تخجل، ولا تخجل بل هي بضاعة تحمل الشجاعة والجسارة وتكسب صاحبها نفس السمات إذ يقول: يضرب بها هوج الدواوين جسرة مهوب لا من جاب بيت سقط بيت