حينما تكون شاعرًا يسبقك الحضور للغياب، وتأخذك الشمس احتراقا، والليل سوادا، والنجوم احتمالا لغيابها في الصباح .. ثم لاتعود إلا إليك ...! حينما تكون شاعرًا .. لن تحتاج إلا لحزنك، ولن تكتمل إلا بروايته، ولن تنتظر إلا حسد الآخرين عليه .. هكذا حينما تكون شاعرًا لايكون لك منك إلا خيبات وجعك وشماتة الصمت بك .. يقتلك مالايفهمه غيرك، ويبكيك مالا تستعيده حينما يذهب، ومالاتنتظره حينما تحتاجه، ... حينما تكون شاعرًا يختزلك الصمت للكلام، واليقظة للنوم، والتذكّر للحزن، والنميمة للندم، والوقت للفراغ، والحلم للخيبة، والموت للخلود ...! *** ...هكذا كأنما كان للشعراء أن يستعيدوا أسماءهم، وينتظروا ميلادهم، ويدركوا موتهم، ثم حينما يتعاطون الحياة لايبلغون من ظلالهم إلا عتمة دكنتهم، ومن خطواتهم زحام العابرين حولهم ... حينما تكون شاعرًا لاتستطيع ماتحب حينما تحب ماتستطيع، تحملق في الوجوه لتقرأ من ملامحها صمتك، ومن بشاشتها قدرتك على الأحلام، ومن عبوسها الهروب إلى ذاتك ... حينما تكون شاعرًا تتعلق بقشّة قصمت ظهر المصير... فلا هي تنقذك من غرق اللحظة ولا تختزل ماتشاء فيها إلى ماشاء لك الوقت ... تحاول أن تكون سماء بلا نجوم، وليلا بلا سهر، وأغنية بلا إيقاع ... تتجرّد ممن حولك لتسكن داخلك ..تحملق حتى في ندوب السقف وزخارف القدر ثم لاتجد ما تريد إلا عندك ...! *** حينما قلتُ لم أستطعْ .. كنتُ أعلمُ أني سأدخلُ في متجرٍ آخرَ الليلِ كنتُ أعلمُ أني سأهجرُ فيروزَ هذا الصباحََ لأسمعَ وحدي عويلَ النداءْ ...! حينما قلتُ لم أستطعْْ عدتُ من شفتي خائبًا أَتهجََّّى زمانكِ حين اختفى الطيبونَ وعاثَ بأحلامهِ الأدعياءْ حينما قلتُ لم أستطعْ كنتُ أعلمُ أن الفصولَ التي لانعيشُ تفاصيلَها هاهنا كلَّها من شتاءْ ..!! كنتُ أعلمُ أني سأبقى أحملقُ في شاشةِ الفجرِ أبحثُ عن خَبَرٍ لايُبثُّ وعن وطنٍ نائمٍ في هناءْْ حينما قلتُ لم أستطعْ كنت أعلمُ أني سأبقى على شرفتي واقفًا بانتظارِ الذين يمرونَ بابَ النهارِِ لأخبرَهم أنني .. لم أكنْ .. أستطيعُ البقاءْ ..!