"قرقع قرقع قرقيعان.. يا أم قصير رمضان.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم".. هكذا سيركض الأطفال يوم غد الجمعة فرحين بأهازيج توارثوها جيلاً بعد آخر، في عادة قديمة، ولكنها لا تزال موجودة في العصر الحالي، تعبيراً عن الفرحة بمنتصف شهر "رمضان".. حيث يجوبون الممرات والطرقات ويطرقون الأبواب بلهفة بريئة وسعادة كبيرة في ألفة ومحبة لا تنتهي بجمع الحلوى والألعاب، وإنما أبعد من ذلك، عندما يلتقون بقرنائهم ويلعبون سويةً، ويجمعون نصيبهم من "القرقيعان" معاً، ويتناولونها برفقة بعضهم البعض، والبسمة لا تفرق محياهم. «تمت عليكم خمسطعش يوم عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم ويرجعكم لأهاليكم» ويمثل "القرقيعان" صورةً رمضانية رائعة حفظت جانباً إنسانياً واجتماعياً مهماً لا يزال صامداً من الموروثات الشعبية والتراثية، عند احتفالية الأطفال في ليلة منتصف شهر "رمضان"، إذ يجسّدون دور "البطولة" بمختلف أعمارهم عندما يجتمعون -سواء أكانوا أقارب أو جيران- على شكل مجموعات يجوبون بعدها البيوت وهم يرتدون ملابس نسجت خصيصاً لهذه المناسبة في بعض مدن المملكة ودول الخليج، ويحملون معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي تُهدى إليهم من الأهالي. ويحرص الكثير من الأهالي أن يصنعوا الفرحة في قلوب الأطفال، حيث تستعد العديد من الأسر للإحتفال بهذه المناسبة منذ وقت مبكر، من خلال شراء مستلزمات هذه الليلة من مكسرات وحلوى تغلف تغليفاً خاصاً يتمكن من خلالها الأطفال من حملها على صدورهم، إلى جانب شراء ملابس تراثية تناسب الإحتفالية التي تبدأ عقب صلاة مغرب يوم غد الجمعة، بالتجول والمرور على المنازل وهم يرددون العديد الأهزوجات خصيصاً لهذه المناسبة مثل: قرقع قرقع قرقيعان يا أم اقصير ورمضان تمت عليكم خمسطعش يوم عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم ويرجعكم لاهاليكم ويلحفكم بالجاعد عن المطر والراعد عام عام يا صيّام عادت عليكم هالسنة وكل عام عطونا يا أهل السطوح عطونا والا بنروح وبعد ترديد هذه الأهازيج المعروفة، يخرج لتلك المجموعة أحد أفراد المنزل ليعطيهم وفي يديه كيس مليء بالمكسرات والحلويات، فيعطي كل طفل منهم حصته، وهنا يتدافع الأطفال للحصول على أكبر حصيلة ليتباهى بينهم أنه الأكثر، ويستمر الأطفال في تجوالهم حتى إكمال بقية بيوت الحي. ويقال إن معنى "القرقيعان" هو لفظ عامي مأخوذ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقرعون أبواب البيوت في هذه المناسبة، فيما يعتقد آخرون أنها مشتقة من "قرة العين"، وهو ما فيه سرور الإنسان وفرحه. ونظراً لما طرأ على حياتنا من تغير في العادات والتقاليد ، فقد تولّدت في السنوات الأخيرة لدى الكثيرين في المنطقة الشرقية، وعلى وجه الخصوص في "محافظة الأحساء" رغبةً جامحة للاحتفاء بهذه الليلة بطريقة خاصة، إذ تحظى ليلة "قرقيعان" باهتمام بالغ بهذه المناسبة التي يتولى الإشراف عليها مجموعةً من الشباب تنظيماً وإعداداً منذ وقت مبكر، حيث يوزّعون الهدايا والحلويات على الأطفال والكبار دون استثناء، كما يرشّون "ماء الورد" على المارة، تعبيراً عن حجم الفرحة والسرور، فيما يعيش الأطفال أسعد لحظاتهم وهم يجتمعون مع أقرانهم. وشدد باحثون إجتماعيون على أن هذه المناسبات تنعكس بآثار اجتماعية ونفسية إيجابية تغرس في نفوس الأطفال حب الشهر الفضيل، وما يتضمنه من خصوصية وتفّرد عن بقية شهور العام؛ مما يزيد من أهمية الحفاظ على هذا الموروث الشعبي. img src="http://s.alriyadh.com/2012/08/02/img/579788914130.jpg" title=" شبّان في "الأحساء" يوزعون هدايا "قرقيعان" على المارة في منتصف "رمضان" " شبّان في "الأحساء" يوزعون هدايا "قرقيعان" على المارة في منتصف "رمضان" أطفال يجوبون فرحين ومرددين أهازيج «قرقيعان» يرتدون أزياءً مخصصة للاحتفال بيوم «قرقيعان» img src="http://s.alriyadh.com/2012/08/02/img/410806539032.jpg" title=" طفلة ترتدي زي "البخنق" وجوارها هدايا "قرقيعان" " طفلة ترتدي زي "البخنق" وجوارها هدايا "قرقيعان" img src="http://s.alriyadh.com/2012/08/02/img/977226875108.jpg" title=" تطور موروث "قرقيعان" بطرق تقديم حديثة " تطور موروث "قرقيعان" بطرق تقديم حديثة img src="http://s.alriyadh.com/2012/08/02/img/793987633575.jpg" title=" شاب يوزع "القرقيعان" على أطفال الحي في "الأحساء" (عدسة - المحرر)" شاب يوزع "القرقيعان" على أطفال الحي في "الأحساء" (عدسة - المحرر)