لن أدخل في تفاصيل إعلان الشركة السعودية للكهرباء الذي شغل صفحة كاملة من هذه الجريدة يوم الأحد الماضي. فالإعلان واضح وجليّ شفاف للقارئ العادي. ولن أعتب ولن أبحث معها عن أعذار أو تبريرات. إلا أنني عاجز عن قبول الفقرة الثانية من التوضيح التي جاء فيها ما نصّه :- " تأخر عدد من محطات التحويل الجديدة للخدمة لتعزيز الشبكة قبل حلول فصل الصيف نتيجة لما واجهته وتواجههُ الشركة من عدم توفر مواقع في الأحياء القائمة في المدن الرئيسية لإنشاء محطات نقل وتوزيع الكهرباء لتعزيز الشبكة، إضافة إلى اعتراض المواطنين على إقامتها بالقرب من منازلهم مما أدى إلى توقّف استكمال بعضها بمدينة الرياض حتى الآن منذ أكثر من سنتين، وقد أدى ذلك إلى تحميل المحطات القائمة حاليا أعلى من قدرتها، كما تُواجه الشركة مشاكل عديدة في تنفيذ خطوط النقل بسبب صعوبة المسارات" نحن إذاً أمام إشكاليات صعبة (غير فنية). إشكالات عقلية. فنحن نريد التمتع بمعطيات التقنية ونرتاح منها ونعترض ونصرخ ونُجادل ونشتكي إذا تضررت راحتنا، لكننا غير قادرين على الوصول إلى شرعة أو نظام أو أوامر قضائية أو قاعدة عرفية تقول إن هناك شيئاً معمولاً به في الدنيا اسمه (البيع الإلزامي ، أو الإجباري) للصالح العام أو رفاهية الأمة (Compulsory Sale ) . وما دامت الفكرة العامة والانطباعات الشخصية هي الحكم فإننا أيضا سنجد أصحاب الأراضي لا يريدون اقتطاع أو بيع جزء من أراضيهم لتكون محطة توليد، إذا علموا أن هذا سيعود بالضرر على القطع عند تقسيمها وتطويرها من قبلهم أو ورثتهم، وسيبذلون ما يستطيعون من جهد للحصول على التوصيات اللازمة بعدم إقامة محطات توليد، وبنفس الوقت يريدون التمتع بنعمة الكهرباء .. !. هذا خلل. وخلل كبير. وحلّهُ ليس بالسهل ولا الممكن، مالم تأت أنظمة تقول إن كل ملكية فردية أو جماعية خاضعة لاقتطاع منفعة منها، ما دامت المنفعة لصالح الأمة، وتعويض مالكها بالسعر السائد. لو قدرنا - مثلا - أننا اخترنا مواقع بعيدة جدا عن المدن لبناء محطات توليد عصرية تكفي الشركة مذلة الاعتذار بين حين وآخر، فحتما ستجد شركة الكهرباء من يعترض على مرور خطوط نقل الطاقة إلى حيث الحاجة. ويؤخرون الإنشاء، فيزداد الحمل على المحطات القائمة ونظل نعيش أمورنا الحياتية بهذه الطريقة المعقدة المربكة والمتشابكة. أو كمن تعود على حلّ الكلمات المتقاطعة في الصحافة اليومية . أرى والرأي الأتم لأهل الحكمة والقرار أن يُصار إلى إصدار نظام أو تعليمات تُجيز للشركة السعودية للكهرباء أخذ حاجتها من الأراضي لإنشاء محطات طاقة وخطوط نقلها حسب ما تراه مناسبا. وعدم الالتفات لاعتراضات أنانية لا تخدم إلا مصلحة صاحبها، وتعويض من له الحق تعويضاً يأخذ بالاعتبار كون الخدمة عامة ولمصلحة الأمة. ولدينا أراضٍ واسعة تنزل وتقلع منها - لو أردنا - طائرات الجامبو، فهل سنظل غير قادرين على توفير أرض تصلح لإنشاء محطة كهرباء ؟