هو يحب أن يقضي كل الأوقات التي تتاح له في السوق، يحب أن يراقب كل اللواتي يأتين إلى السوق، بشغف لا حدود له، يميل أكثر للمتسوقات الشابات، فهن يثرن فيه أسئلة القلب والروح، ولأنه في مقتبل القلب، فإن نظرة عابرة، قد تودي بروحه إلى هاوية الهاوية، إلى اعتقاد بأنه هو مرام كل من تأتي للتبضع. اعتاد أن يلبس أجمل حلله، أن يتعطر بأجمل الأريج الذي تخبئه قوارير الأريج، يظل يذرع السوق جيئة وذهاباً، لكي ترى حلله وأريجه احداهن، ويكون يظن أن هذه تنظر إليه، وأن تلك لا تُسقط عينيها عنه، لذلك فهو لا يتورع أن يرمي ورقة أنيقة تحمل رقم جواله واسمه المستعار، على من تريد وعلى من لا تريد. في ضحى سوق ساكن، لمح امرأة شابة تدخل من محل إلى محل، تابعها واهماً بأنها لم تأت في هذا الوقت إلا للتسكع، كانت المرأة في عجلة من أمرها، ولم يسعفه الوقت لأن يرمي لها رقمه، خرجت من السوق، واستقلت سيارتها. عاد بنظره إلى آخر محل كانت فيه، فوجد البائع الآسيوي يركض حاملاً حقيبتها، اعترض طريقه، مدعيا أنه يعرفها، أخذ الحقيبة وركض إلى بوابة السوق، لكن سيارتها كانت قد غادرت، وبإغواء الشيطان الذي لا يفارقه، فتح الشنطة محاولا البحث عن ما يمكّنه من الاتصال بها، أثناء ما كان يستعرض ما بداخلها، احمر وجهه فجأة، وبدأ العرق يتقاطر من جبينه. كان كمن صعقته كهرباء مرجفة. أغلق الحقيبة بخوف شديد، ثم عاد إلى المحل، أعطاها البائع، وحرصه على أن يعيدها لصاحبتها إن هي عادت، كان الوقت أذانا، دخل إلى المسجد، وصلى الظهر وبقي حتى صلاة العصر، بين الصلاتين لم يغادر المصحف يديه، صاعقاً اياه بخشوع لم يخشعه من قبل.