دخل الرياضيون المسلمون في حيرة من امرهم منذ وصولهم الى لندن للمشاركة في دورة الالعاب الاولمبية التي تصادف شهر رمضان، وانقمسوا بين مؤيدين لاتباع فتاوى المجالس العلمية ودور الافتاء التي اباحت الافطار، وبين متشبثين باداء فريضة الصوم. ويشارك نحو 3 آلاف رياضي ورياضية ينتمون الى دول اسلامية، وباءت نداءات العديد من المسؤولين بها بالفشل جراء طلب تقديم او تأخير موعد الدورة الحالية فسحا للمجال امام تكافوء الفرص الذي يعتبر احد شعارات الهيئة الدولية، لان اللجنة الاولمبية الدولية عللت الرفض بأن المواعيد الاولمبية معروفة مسبقا وعلى ضوئها تستعد الدول المضيفة لها ولا يجب تغييرها فجأة. واجازت بعض المجالس العلمية للدول الاسلامية وكبار مشايخها الافطار للرياضيين خلال الالعاب الاولمبية دون ان تفرض لجانها الاولمبية ذلك على رياضييها ورمت الكرة بين ايادي الاخيرين لتقرير مصيرهم جراء الصيام من عدمه في الاولمبياد، فيما حاولت بعض الاتحادات اقناعهم بالافطار بناء على تجارب سابقة. وفي هذا الصدد قال مدرب المنتخب المغربي للملاكمة عبد الحق عشيق "بالنظر الى صعوبة رياضة الفن النبيل والى ضرورة التدريب مرتين في اليوم فان الملاكمين لا يقوون على ذلك وهم صائمون وبالتالي يتعين عليهم الافطار من اجل الاستعداد جيدا للمنافسة"، مضيفا "جلسنا مع جميع الملاكمين وتحدثنا اليهم في الموضوع لاقناعهم بضرورة الافطار". وتابع "لدينا تجربة كبيرة في هذا المجال، فليست المرة الاولى التي تصادف فيها مشاركتنا في احدى البطولات الدولية شهر رمضان، ولذلك نصحنا الرياضيين بضرورة الافطار، لم تكن المسألة سهلة لان جميع ملاكمينا ملتزمون بفرائض الاسلام، والصوم بينها واهمها، استغرق الاجتماع 3 ساعات وخرجنا في الاخير بقرار الافطار". واردف قائلا "سمحنا للرياضيين بالصيام في اليوم الأول على سبيل التجربة وحتى لا نكون دكتاتوريين معهم، وقد تدربوا بالفعل مرتين في اليوم الاول ووجدوا بان الامر صعب للغاية. جربنا ايضا التدريب بعد الافطار، لكن ذلك لم يكن مجديا لان الفترة بين الافطار والسحور قصيرة جدا". واوضح "الصيام يؤثر كثيرا على الملاكمين لان مشاركتهم تتوقف على الوزن، فهم مطالبون بالتدريب والتغذية حفاظا على لياقتهم وقوتهم ووزنهم، والصيام يقود الى تخفيف وزن ويضعف قوتهم خصوصا وان المباريات ستقام بعد الظهر وهذا مؤثر جدا"، مبرزا "القرار لم يكن ليتخذ لو صادفت الالعاب الاولمبية الايام الاخيرة من شهر رمضان لان جميع الملاكمين سيكونون متأقلمين مع الاجواء الرمضانية وسينافسون دون اي تأثير، بيد ان الامر في لندن ليس كذلك". واشار عشيق الى ان الاتحاد المغربي للملاكمة اتخذ قرار الافطار منذ فترة طويلة ولم ينتظر فتوى المجلس العلمي الاعلى في المغرب لاجازة الافطار "لاننا نعرف جيدا ما ينتظرنا"، وطالب المسؤولين عن اللجنة الاولمبية الدولية باعادة النظر في جدولة الالعاب الاولمبية خصوصا في حال مصادفتها شهر رمضان لان الالاف من المسلمين يخوضون غمارها وبالتالي يجب منح تكافوء الفرص امام الجميع. وكان المجلس العلمي الأعلى أعلن أنه يجوز للرياضيين المغاربة المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية الإفطار شريطة أن يقضوا (يصوموا) ما أفطروه من أيام بعد انقضاء رمضان وقبل حلول شهر رمضان المقبل. بيد ان لاعبي المنتخب الاولمبي المغربي لكرة القدم رفضوا الانصياع الى فتوى المجلس العلمي والى قرار مدربهم الهولندي بيم فيربيك بالافطار وقرروا الصوم على الرغم من ان اغلبهم يحترف في الديار الاوروبية (16 بين 18 لاعبا). وقال حارس المرمى الوداد البيضاوي المنتقل حديثا الى اتليتكو مدريد الاسباني ياسين بونو "الصيام فريضة يجب القيام بها، واعتقد ان الله سينصفنا ويساعدنا ايام المباريات وحتى في التدريبات، نحن معتادون على اللعب في رمضان ولن يؤثر علينا ذلك". في المقابل، قال عداء الماراتون الاردني مثقال العبادي "جربت منذ وصولي الى لندن التأقلم مع الصيام والتدريبات لكنني وجدت بان الامر صعب نوعا ما، لانني اشارك في سباق من بين اكثر السباقات حاجة الى تخزين الطاقة"، مضيفا "اعتقد بأنني سأتراجع عن الصيام خصوصا بعدما سجلت نقصا في الاملاح المعدنية بعد تجربة التدريبات العادية ساعتين قبل وبعد الافطار". اما حسن رفعت المنسق العام للبعثة الاماراتية فقال "بعض الرياضيين يصومون والبعض الاخر يفطر، ليس هناك اي توجه رسمي من اللجنة الاولمبية الاماراتية بهذا الامر، فكل رياضي يتصرف حسب راحته وظروفه، ففي رياضة الجودو مثلا الرياضي حميد الدرعي يصوم ثم يتمرن بعد الافطار لان المدرب اخذ على عاتقه ان يجري التدريبات بعد الافطار". من جهته، اوضح علاء الدين جبر احد اعضاء البعثة المصرية "البعثة المصرية قابلت المفتي قبل المغادرة الى لندن وقد قال لهم انتم على سفر وربنا ييسر، فقد اعطى الترخيص للرياضيين وهم يتصرفون حسب راحتهم".