لم تثر قضية حقوق الناخبين في الولاياتالمتحدة منذ حقبة الحقوق المدنية هذا القدر من الجلبة مثلما تفعل خلال فترة الانتخابات الرئاسية المقررة في وقت لاحق العام الجاري. ووفقا لتقديرات مركز للدراسات القانونية بجامعة نيويورك، يمكن لمجموعة من القوانين الجديدة التي أقرتها المجالس التشريعية التي يسيطر عليهم الجمهوريون، إبعاد حوالي 5 ملايين أمريكي عن صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 تشرين ثان/نوفمبر القادم. والاكثر تضررا من هذه القوانين هم الامريكيون من أصول لاتينية وأفريقية والشباب والمسنون، أي بعض من نفس الدوائر الانتخابية التي خرجت في أعداد قياسية لتحمل المرشح الديمقراطي باراك أوباما إلى البيت الابيض عام 2008 والتي تعتبر عنصرا أساسيا في محاولة اعادة انتخابه الصعبة أمام منافسه الجمهوري ميت رومني. المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية ميت رومني يتفرج على الشعلة الاوليمبية خلال جولة له مع وزير الخارجية البريطانيى هيغ في لندن ( رويترز) وحتى صدور قانون حقوق التصويت عام 1965 ، كان يتم إبعاد الامريكيين من أصول أفريقية عن صناديق الاقتراع بشكل روتيني في بعض الولايات من خلال ممارسات شملت ضرائب الانتخابات واختبارات الأمية، وحتى بطلب حساب عدد الفقاعات الموجودة في قطعة صابون. وكان يطلق على هذه القوانين "قوانين جيم كرو"، نسبة الى ممثل في القرن التاسع عشر كان يسخر من الزنوج. وتقول هيلاري شيلتون من الرابطة الوطنية للنهوض بالملونين إن القوانين الجديدة - التي تتطلب صورا رسمية لتحديد الهوية وتطهير القوائم الانتخابية ممن يشتبه في أنهم مهاجرون غير شرعيين، وزيادة صعوبة إمكانية التسجيل أو التصويت في وقت مبكر- تعد بمثابة إحياء للحواجز القديمة. وقالت شيلتون: "قمنا بعمل شاق لتمرير قوانين في الستينات (من القرن العشرين) ويجب أن يكون لدينا القدرة أخيرا على دفن (قوانين) جيم كرو.. لكن رغم ما فعلناه ، لايزال جيمس اي كرو المبجل على قيد الحياة وبحالة طيبة، بل وأصعب من أي وقت مضى، فيما يتعلق بحرمان الناخبين من التصويت". وطلبت ولايتان فقط بطاقة هوية مثبت بها صورة شخصية من كل ناخب عام 2010. ووفقا للمؤتمر الوطني للمجالس التشريعية للولايات، هناك لا يقل عن 13 ولاية مررت قوانين بمتطلبات جديدة منذ عام 2011، بينها ولايات الترجيح وهي فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وفيرجينيا، وكذلك تكساس وويسكونسين وكانساس. وأوقف حكام خمس ولايات، أو محاكم بها، هذه القوانين، ووفقا لمركز برينان من أجل العدالة بكلية الحقوق في جامعة نيويورك، فإن عدد الولايات التي تتطلب تحقيق شخصية مرفق به صورة، ارتفع الآن إلى عشر ولايات بعدما بدأ تنفيذ القوانين الجديدة في الولايات الثماني المتبقية. وقادت وزارة العدل الامريكية المعركة الاتحادية لمنع القوانين، بمشاركة منظمات خاصة مثل مركز برينان. وفي حزيران/يونيو ، أقام مسؤولو وزارة العدل دعوى قضائية ضد مبادرة تطهير قوائم ناخبي ولاية فلوريدا، على أساس إنها انتهكت قانون تسجيل الناخب الوطني لعام 1993 وأنها تحتوي على "أخطاء تضر وتربك الناخبين المؤهلين للتصويت". واوقفت فلوريدا نفسها عملية التطهير ثم استئنافتها باستخدام قوائم اتحادية خاصة لتأكيد المهاجرين غير الشرعيين ولايزال المسؤولون الاتحاديون يراقبون الوضع عن كثب في فلوريدا وغيرها من الولايات. وفي الوقت الذي من المقرر أن تجرى فيه الانتخابات بعد أشهر قليلة ، لايزال الارتباك الذي أشار اليه مسؤولون اتحاديون يتنامى بالنسبة للكثير من الناخبين الذين يخشى الخبراء أنهم ببساطة سيبتعدون عن صناديق الاقتراع. ويقول الجمهوريون إن القوانين الجديدة تهدف الى منع التلاعب في الانتخابات، مشيرين إلى أن مركز بيو غير الحزبي قد خلص الى هذه النتائج التي اشارت مؤخرا الى أن هناك 8ر1 مليون متوفى لايزالون في قوائم الناخبين. وفي ولاية فرجينيا، وهي ولاية كانت عاملا اساسيا في فوز أوباما في 2008 ، أعلن الحاكم روبرت ماكدونيل أن قانون اثبات الشخصية سيعطي سكان الولاية "الإيمان بأنه لم يتم حدوث تلاعب في التصويت". ورغم ذلك، يبدو التلاعب في اصوات الناخبين في بلد به 150 مليون ناخب مقيد حدثا نادرا. فقد عثر الاتحاد الوطني للمحامين الجمهوريين المحافظ العام الماضي على 400 دعوى قضائية فقط بحدوث تلاعب في أنحاء الولاياتالمتحدة على مدار عشر سنوات. واعترف ميك تورزاي أحد أبرز النواب الجمهوريين عن ولاية بنسلفانيا ، بوجود دافع حزبي وراء هذه القوانين، معلنا أن المطلب الجديد بولايته بتقديم بطاقة هوية مرفقاً بها صورة "سيسمح للحاكم رومني بالفوز في ولاية بنسلفانيا". ويرجح أن يكون الامتثال لمتطلبات تحقيق الشخصية المرفق به صورة أصعب بالنسبة للفقراء والأقليات والشباب. ويقول مركز برينان إنه، على سبيل المثال ، لايملك حوالي 25 في المئة من السود بطاقات هوية مرفقاً بها صورة مثل رخصة قيادة أو جواز سفر أمريكي مقارنة ب 8 في المئة من البيض. ويسمح قانون ولاية تكساس الجديد ببطاقات الهوية التي يحملها مالكو الأسلحة التي لايعلن عنها، ولكن ليس بطاقات هوية الطلاب. وقال كيشا جاسكينز وهو محام بارز بمركز برينان لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) إن القانون سيقيد ""الناخبين من اصول اسبانية ولاتينية"، وهم اقل احتمالاً أن يكون لديهم بطاقات هوية مقارنة بالناخبين البيض. وأرسلت ولاية فلوريدا التي يسيطر عليها الجمهوريون رسائل إلى آلاف الناخبين المسجلين للمطالبة ب "دليل على المواطنة" في غضون 30 يوما، والا فقدوا حق التصويت. ووصلت واحدة من هذه الرسائل الى بيل انترنيكولا "91 عاما" ، أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية الذي حصل على النجمة البرونزية لدوره في معركة الثغرة. وقال انترنيكولا لصحيفة ميامي هيرالد "تملكني الغضب". وعلى العكس من معظم الدول، لا تصدر الولاياتالمتحدة بطاقات هوية وطنية مرفقاً بها صورة شخصية، وهو الامر الذي تقول عليه سيما اودوبي التي عملت مراقبة للانتخابات ومستشارة في أوروبا الشرقية ووسط آسيا، إنه يعكس ليس فقط اتحادية الولاياتالمتحدة ولكن أيضا "عدم الثقة الأساسي الذي يكنه الامريكيون تجاه سلطة الحكومة". والنتيجة هي نظام معقد للغاية يفتقر للوحدة، وواحد معرض للتلاعب الحزبي وألاعيب السياسة التي يوعظ بها المسؤولون الامريكيون والمنظمات المدنية خلال جهودهم الدولية.